قد سطّرت يد الشهيــد بالدّماء أسطرا
للجنّ والإنس معا رسالةً لمن قرا:
إذا ادْلهمّ ليلُنا والعير أعياها السُّرى
ولم يعد دليلُنا ولا كفيلنا يَرى
وأحْدقت بنا العدا قاد الشهيدُ العسكرا
فشقّ بالدِّما لنا طريقَنا المظفّرا
إذا الدماء لم تسِلْ فالقدس لن تُحرّرا
هبِّي جنينُ وانفضي عنك التراب الأحمرا
وبالعباءة امسحي جبينك المعطّرا
الحمد لله على نهر الدم الذي جرى
حمدا على ما خطَّ مو لانا لنا وقدّرا
جفّ الكتاب يا خُناسُ قبل أن نُصوَّرا
من الرماد فانهضي للمجد أقوى جوهرا
لم تُخلق الشموسُ كي تُدسَّ في بطن الثرى
لله في أعناقنا عقد موثّقُ العرى
بعنا النفوسَ والدّما وربنا قد اشترى
فيا نسورَنا التي ليس لها ندّ يُرى
من الحضيض أقلعي وحلّقي على الذُّرى
أنْعم بكم من أسهم قهّارة لن تُقهرا
ترمي الرّدى في نحره ولا تعود القهْقَرى
مَن أمُّه القد ومَن أبوه سيّد الورى
تبّاً له إن لم يَعِشْ ولم يمتْ غضنْفرا
انظر إلى ذاك الفتى كالفلّ لمّا أزْهرا
إن خوَّفوه بالرّدى أجابهم مستبشرا
مَنِ الرّدى؟ أنا الرّدى مُفخَّخاً مزنّرا
أَحُطُّ نِيراً أحْمرا عظْمَ الرّقاب أكسِرا
افجّر القرد الذي بالعالمين اسْتهترا
ثم أطير مُصْعِداً مطهّراً معطَّرا
ألقى الحبيبَ أحمدا وحمزةً وجعفرا
أغْتدي مغرِّداً في الخُلد طيرا أخضرا
تُجنُّ صهيونُ ولا يَقْرَبُ عينيْها الكرى
إذا رأتْ في نومها غلامَنا الحزوَّر
زَيْنُ الشّبابِ طلعةً ومظْهراً ومخْبرا
لكنهم يرونه غُولًا قبيحاً أعْورا
أسود كالقِطْران عن أنيابِه مكشّرا
يطلُع من جهنم أفظعَ شيءٍ منْظرا
يُنْشٍبُ في رِقَابِهم أنْيابَه والخنْجرا
يقول إذ بركانُه الجبّار قد تفجّرا
ذُقْ نارَ مَنْ ذبّحْتَهم وما محوْتَ مِنْ قُرى
اشْرب.. تجرّع الذي جرّعْتَنِيهِ أعْصُرا
وانْزل لمالكٍ أخِي مكبّلا مجنْزرا
أحْصوا ديوني ويْلتا غطّت ديوني الدّفترا
ديونُنا ثقيلةٌ تُقِضُّ منّا الأظْهرا
لو نَخّتْ ألفَ قامةٍ كوهين كنت مجْحِرا
أو كنتَ عند النّجم لم أدعْك حتى أثْأرا
ما دام سيفي في يدي طال المدى أو قصّرا
جزّار صبرا عاد من بعد الغياب هتلرا
من نصف قرن يغْتَذِي بلحْمنا محمّرا
منّا بنى أكتافَه وكِرْشه المكوّرا
ومن دماء شعبنا يعُبُّ حتّى يسْكرا
الثّور مجنونٌ ولا دوَا إلى أن يُنْحرا
صبّ على رؤوسنا إعصارَه المزمْجِرا
نفّاثةً .. دبّابةً حوّامةً.. بِلْدوزَرا
مجرّفا مهدِّما محرِّقا مدمِّرا
وفانتومٌ جبارةً تدكّ شعباً في العَرا
سربٌ رمى وانْسلّ كالبرق وسرب انْبرى
وبالأباتشي ينْثني يصطادُ حتى يَبْطرا
رشًّا وقصفاً بالصواريخ الفضاءُ أمْطرا
تجيء من أميركا هدية لا بالشِّرا
لهم دمي وموطني تحت النّعال أُهْدرا
نحن الهنود الحمر في عيونهم لا أكثرا
ألم نُضِعْ قرنا ونحن من ورا إلى ورا
فجِّر أخي فجِّر ولا تُصِخْ إلى من ثرْثرا
وضوْضأتْ وراءنا كالكلب قد تَنَمَّرا
عصابةٌ تَصَهْيَتَتْ ممّن نفتْهم القرى
تعضّنا .. وجسمُنا من ألف جرح ما برا
رَطَانَةٌ مكشوفةٌ تهوّدت مؤخّرا
تهتّكت كمُومِسٍ تسْتَقْبِحُ التّستّرا
من كل عبْريّ الهوى شرى لهم وسمْسرا
قصّوا له من جبّة الـ حاخام وجها مُنْكَرا
وركّبوا لسانه المزيّف المزوّرا
خوَّر في كنيسهم ثم بكى واستغفرا
فصار بالأزرار في رِيموتهم مسيّرا
يقيء ما في بطنه إذا الْتوى ونظَّرا
لا ينْتهي مَوَّالُه وإن أتمّ كرّرا
يا مِيجنا.. يامِيجنا مطبِّلا مزمِّرا
تنازلوا.. تنازلوا وارْضُوا بما تيسّرا
تعقّلوا.. قولوا : (نعم) فإن (لا) لن تُثْمرا
لا تقتلوا أخاكم المستوطن المسْتعمرا
طباعُكم وحشيّة لمْ تعرفِ التحضّرا
تطوّروا.. تنوّروا كفى بكم تحجّرا
فقتْلكم جارا لكم جريمةٌ لن تُغْفرا
واليومَ إسرائيلُ أمرٌ واقعٌ تقرّرا
تسحق سحقا كل من لحربها تصدّرا
عصرُ السّلام أقْبلا عصرُ الحروب أدْبرا
سار القطار نافثاً دخّانه وصفّرا
فأدْركوه .. تغْنموا وادْعوا كريماً خيِّرا
فإنّ فوق عرْشه ربّ الزّمان القيْصرا
أصْبحْتَ يا صُعْلوكُ حاخامَ العِدا مطوّرا
فيما عدا طرْبوشَهُ وشَعْرَهُ المضفَّرا
ومِعْطفاً مُحْلَوْلِكاً يَلُفّ صِلا أصْفرا
شبّهْتُهُ إذِ الْتقى أضْرابَهُ مُخمّرا
فحْما على كانونِه يوشك أن يُسجَّرا
نُصِّبْتَ حاخاماً لنا وللقرود منْبرا
فاغْرب إليهم خاسئا ملعَّنا محقَّرا
قد كنتَ نجماً في السّما فصرْتَ قرْدا أزْعرا
زيتونُنا.. وشعبُنا في أرضنا تجذّرا
مذْ قال نوحٌ : ارْكبوا وفي الخضمِّ أبْحَرا
تعارَفا .. تآلَفا ترعْرعا واخْضوْضرا
وسُلِّمتْ للمصطفى لمّا سرى مؤمَّرا
في ليلة قدْسية الكون فيها نوَّرا
ما مثلَها راءٍ رأى ممّن مشى على الثّرى
يبيع دينَه الذي يبيع منها بيْدرا
يا عرْب أين أنتمو أما لكم عيْنٌ تَرَى
أما لديكمو سوى: (أدان) ثم (اسْتنكرا)؟
أليْس في قاموسِكم لفظ (غزا) و (حرّرا)؟
المشْرقان أجْدبا المغْربان أقْفرا
تُرى لِمن أعددْتمو هذا السلاح الأخطرا؟
مثل الجراد كثرةً إذا غزا واستنسرا
معسْكرا معسْكرا وعنْبرا فعنْبرا
مرّت جحافلُ الغزاة فوْقه وما درى
لا غصن زيتونٍ ولا حفْنةَ رملٍ حرّرا
رأيتُ سيْف عنترٍ وما رأيت عنترا
أين الصّواريخُ التي ضِرامُها تَسعّرا؟
أين المدافع التي تدكّ مَن تجبّرا؟
سدّدتمو أفواهها بالجبْس كيلا تزْأرا
هذا السلاح جاءكم مهلّلا مكبّرا
ما زلتمو تسْقونه منوِّما مخدَّرا
نمْ هانئاً.. نمْ هانئاً حتّى غفا وشخّرا
ألا ترون لحمَنا يُهدى لأهل خيْبرا؟
مخّرقا محرّّقا ممزّقا مبعْثرا؟
كم طفلةٍ ما أكملت في العمر إلا أشهرا
قد خضّبت دماؤُها سريرَها المعطّرا
كم من أبٍ لمّا رأى أولاده تسمّرا
تُلمُّ أشلاءُ ابْنه وبنْتِه لتُقْبرا
مَنْ للحقير ابن الحقير قد طغى واستكبرا؟
بالميركافا.. وفانتومٍ وبالأباتشي سيْطرا
إن مُصْبِحاً أو ممْسياً أو مقبلا أو مدبرا
أريد مدفعا أخي ولا أريد سكّرا
فداوِ عظْمنا به يا سيّدي ليُجبرا
زكّوا سلاحاً قد ثوَى في كهْفه مقنْطرا
فإنّ في زكاتِه حقاّ لنا مقرّرا
يا حارسي حدودِنا مَن تحرسون يا ترى؟
بكم فلسطينٌ غدتْ للشعب سجنا أكبرا
والسّجن صار مسْلخا والسّلك صار منْحرا
حبْلا على أعناقنا لِشنْقنا مشرْشَرا
أنا أخوك يا أخي وجدّتي أمّ القرى
فكن ظهيري لا تكن في ظهر شعبي خنْجرا
فيا أبي ويا أخي و يا شقيقي الأكبرا
أَجِزْ صواريخاً أَجِزْ مدافعا لتعْبرا
حتى أحيل ميركفا شارون كوماً أحْمرا