Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Histoire du Maghreb تاريخ المغرب الكبير

استغلال الحجاج / رحلة ابن جبير

وأكثر هذه الجهات الحجازية وسواها فرق وشيع لا دين لهم قد تفرقوا على مذاهب شتى. وهم يعتقدون في الحاج مالا يعتقد في أهل الذمة، قد صيروهم من أعظم غلاتهم التي يستغلونها: ينتهبونهم انتهاباً، ويسببون لاستجلاب ما بأيديهم استجلاباً. فالحاج معهم لا يزال في غرامة ومؤونة أن ييسر الله رجوعه وطنه.ولولا ما تلافى الله به المسلمين في هذه الجهات بصلاح الدين لكانوا من الظلم في أمر لينادي وليده ولا يلين شديده. فانه رفع ضرائب المكوس عن الحاج وجعل عوض ذلك مالاً وطعاماً يأمر بتوصيلها مكثر أمير مكة، فمتى أبطأت عنهم تلك الوظيفة المترتبة لهم عاد هذا الأمير ترويع الحاج وإظهار تثقيفهم بسبب المكوس. واتفق لنا من ذلك أن وصلنا جدة، فأمسكنا بها خلال ما خوطب مكثر الأمير المذكور. فورد أمره أن يضمن الحاج بعضهم بعضاً ويدخلوا حرم الله، فإن ورد المال والطعام اللذان يرسمه من قبل صلاح الدين والا فهو لا يترك ماله قبل الحاج. هذا لفظه، كأن جرم الله ميراث بيده محلل له اكتراؤه من الحاج. فسبحان مغير السنن ومبدلها

والذي جعل له صلاح الدين، بدلاً من مكس الحاج، ألفا دينار اثنان وألفا اردب من القمح، وهو نحو الثمانمائة قفيز بالكيل الإشبيلي عندنا، حاشا إقطاعات أقطعها بصعيد مصر وبجهة اليمن لهم بهذا الرسم المذكور. ولو لا مغيب هذا السلطان العادل صلاح الدين بجهة الشام في حروب له هناك مع الإفرنج لما صدر عن هذا الأمير المذكور ما صدر في جهة الحاج. فأحق بلاد الله بأن يطهرها السيف ويغسل أرجاسها وأدناسها بالدماء المسفوكة في سبيل الله هذه البلاد الحجازية لما هم عليه من حل عرى الإسلام واستحلال أموال الحاج ودمائهم

فمن يعتقد من فقهاء أهل الأندلس إسقاط هذه الفريضة عنهم فاعتقاده صحيح لهذا السبب وبما يصنع بالحاج مما لا يرتضيه الله عز وجل. فراكب هذا السبيل راكب خطر ومعتسف غرر. والله قد أوجد الرخصة فيه على غير هذه الحال، فكيف وبيت الله الآن بأيدي أقوام قد اتخذوه معيشة حرام وجعلوه سبباً استلاب الأموال واستحقاقها من غر حل ومصادرة الحجاج عليها وضرب الذلة والمسكنة الدينة عليهم، تلافاها الله عن قريب بتطهير يرفع هذه البدع المجحفة عن المسلمين بسيوف الموحدين أنصار الدين، وحز الله أولي الحق والصدق، والذابين عن حرم الله عز وجل، والغائرين على محارمه، والجادين في إعلاء كلمته وإظهار دعوته ونصر ملته، انه على ما يشاء قدير، وهو نعم المولى ونعم النصير

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :