30 Décembre 2007
إختلاف النسب قد يكون لاختلاف الحقائق وقد يكون لاختلاف المراتب في الحقيقة الواحدة. فقيل: إن التصوف والفقر والملامة
والتقرب، من الأول. وقيل: من الثاني وهو الصحيح
على أن الصوفي هو العامل في تصفية وقته عما سوى الحق، فإذا أسقط ما سوى الحق من يده، فهو الفقير. والملامتي منهما هو الذي لا يظهر خيرا، ولا يضمر شرا، كأصحاب الحرف والأسباب ونحوهم، من أهل الطريق
والمقرب من كملت أحواله، فكان بربه لربه، ليس له سوى الحق إخبار، ولا مع غير الله قرار فافهم
لا من اختلاف المسالك، إختلاف المقصد، بل يكون متحدامع إختلاف مسالكه، كالعبادة والزهادة والمعرفة مسالك، لقرب الحق على سبيل الكرامة وكلها متداخلة، فلا بد للعارف من عبادة وإلا فلا عبرة بمعرفته إذ لم يعبد معروفه
ولا بد لها من زهادة، وإلا فلا حقيقة عنده، إذ لم يعرض عمن سواه. ولا بد للعابد منهما، إذ لا عبادة إلا بمعرفة، ولا فراغ للعبادة إلا بزهد والزهد كذلك، إذ لا إلا زهد بمعرفة، ولا زهد إلا بعبادة، وإلا عاد بطالة
نعم من غلب عليه العمل، فعابد. أو الترك فزاهد. أو النظر لتصريف الحق فعارف، والكل صوفية. والله أعلم
لكل شيء أهل، ووجه، ومحل، وحقيقة
وأهلية التصوف لذى توجه صادق أو عارف محقق، أو محب مصدق، أو طالب منصف، أو عالم تقيده الحقائق، أو فقيه تقيده الاتساعات لا متحامل بالجهل، أو مستظهر بالدعوى، أو مجازف في النظر، أو عامي غبي، أو طالب معرض، أو مصمم على تقليد أكابر من عرف في اجملة، والله أعلم
شرف الشيء، إما أن يكون بذاته فيتجرد طلبه لذاته، وإما أن يكون لمنفعته، فيطلب من حيث يتوصل منه إليها به. وإما أن يكون لمتعلقه فيكون الفائدة في الوصلة بمتعلقه
فمن ثم قيل: علم بلا عمل، وسيلة بلا غاية، وعلم بلا علم جناية، والعقل أفضل من علم به
والعلم به تعالى، أفضل العلوم، لأنه أجل العلوم. وعلم يراد لذاته أفضل، لكون خاصيته في ذاته كعلم الهيبة والأنس، ونحو ذلك.فمن لم يظهر له نتيجة علمه في عمله، فعلمه عليه، لا له. وربما شهد بخروجه منه، إن كان علمه مشروطا بعلمه، ولو في باب كماله، فافهم.وتأمل ذلك
فائدة الشيء، ما قصد له وجوده وفائدته: حقيقته في إبتدائه، أو إنتهائه، أو فيهما. كالتصوف علم قصد لإصلاح القلوب، وإفرادها لله، عما سواه. وكالفقه؛ لإصلاح العمل؛ وحفظ النظام؛ وظهور الحكمة بالأحكام. وكالأصول، لتحقيق المقدمات بالبرهان؛ وتحلية الإيمان بالإيقان.وكالطب لحفظ الأبدان. وكالنحو لإصلاح اللسان، إلى غير ذلك فافهم
العلم بفائدة الشيء، باعث على التهمم به والأخذ في طلبه، لتعلق النفس بما يفيده، إن وافقها، وإلا فعلى العكس. وقد صح أن شرف الشيء بشرف متعلقه. ولا أشرف من متعلق علم التصوف لأن مبدأه خشية الله التي هي نتيجة معرفته، ومقدمة إتباع أمره. وغايته إفراد اللب له تعالى فلذالك قال الجنيد رضي الله عنه "لو علمت أن تحت أديم السماء أشرف من هذا العلم الذي نتكلم فيه مع أصحابنا لسعيت إليه"إنتهى. وهو واضح
أهلية الشيء تقضي بلزوم بذله لمن تأهل له إذ يقدره حق قدره ويضعه في محله ومن ليس بأهل فقد يضيعه، وهو الغالب، أو يكون حاملا له على طلب نوعه، وهو النادر
فمن ثم إختلف الصوفية في بذل علمهم لغير أهله. فمن قائل: لا يبذل إلا لأهله، وهو مذهب الثوري وغيره. ومن قائل: يبذل لأهله ولغير أهله والعلم أحمى جانبا من أن يصل إلى غير أهله، وهو مذهب الجند رحمه الله، إذ قيل له "إذ قيل له "كم تنادي على الله بين يدي العامة؟" فقال: "لكني أنادي على العامة بين يدي الله" إنتهى. يعني أنه يذكر لهم ما يردهم إليه، فتتضح الحجة لقوم، وتقوم على آخرين.والحق إختلاف الحكم، باختلاف النسب والأنواع، والله أعلم
وحدة الإستحقاق، مستفادة من شاهد الحال. وقد يشتبه الأمر، فيكون التمسك بالحذر أولى لعارض الحال. وقد يتجاذب الأمر من يستحقه، ومن لا. فيكون المنع لأحد الطرفين دون الآخر
وقد أشار سهل لهذا الأصل بقوله "إذا كان بعد المائتين، فمن كان عنده شيء من كلامنا فليدفنه فإنه يصير زهد الناس في كلامهم، ومعبودهم بطونهم
وعدد أشياء تقضي بفساد الأمر حتى يحرم بثه لحمله على غير ما قصد له، ويكون معلمه كبائع السيف من قاطع الطريق. وهذا حال الكثير من الناس في الوقت، إتخذوا علم الرقائق والحقائق سلما لأمور، لإستهواء قلوب العامة وأخذ أموال الظلمة، واحتقار المساكين، والتمكن من محرمات بينة، وبدع ظاهرة. إن بعضهم خرج من الملة، وقبل منه الجهال ذلك، بإدعاء الإرث والإختصاص في الفن. نسأل الله السلامة بمنه
في كل علم ما يخص ويعم. فليس التصوف بأولى من غيره، في عمومه وخصوصه. بل يلزم بذل أحكام الله المتعلقة بالمعاملات من كل، عموما وما وراء ذلك، على حسب قابله، لا على قدر قائله، لحديث "حدثو الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله" وقيل للجنيد رحمه الله: يسألك الرجلان عن المسألة الواحدة، فتجيب هذا بخلاف ما تجيب هذا؟. فقال: الجواب على قدر السائل، قال عليه الصلاة والسلام "أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم
في كل علم ما يخص ويعم. فليس التصوف بأولى من غيره، في عمومه وخصوصه. بل يلزم بذل أحكام الله المتعلقة بالمعاملات من كل، عموما وما وراء ذلك، على حسب قابله، لا على قدر قائله، لحديث "حدثو الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله" وقيل للجنيد رحمه الله: يسألك الرجلان عن المسألة الواحدة، فتجيب هذا بخلاف ما تجيب هذا؟. فقال: الجواب على قدر السائل، قال عليه الصلاة والسلام "أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم
في كل علم ما يخص ويعم. فليس التصوف بأولى من غيره، في عمومه وخصوصه. بل يلزم بذل أحكام الله المتعلقة بالمعاملات من كل، عموما وما وراء ذلك، على حسب قابله، لا على قدر قائله، لحديث "حدثو الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله" وقيل للجنيد رحمه الله: يسألك الرجلان عن المسألة الواحدة، فتجيب هذا بخلاف ما تجيب هذا؟. فقال: الجواب على قدر السائل، قال عليه الصلاة والسلام "أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم
إعتبار المهم وتقديمه أبدا، شأن الصديقين في كل شيء. فكل من طلب من علم القوم رقيقها قبل علمه بجملة أحكام العبودية منها، وعدل عن جل الأحكام إلى غامضها، فهو مخدوع بهواه، لا سيما إن لم يحكم الظواهر الفقهية للعبادات، ويحقق الفارق بين البدعة والسنة في الأحوال، ويطالب نفسه بالتحلي قبل التخلي، أو يدعي لها ذلك. ولله در سري رضي الله عنه قال
من عرف الله عاش ومن مال إلى الدنيا طاش
والأحمق يغدو ويروح في لاش والعاقل عن محبوبه فتاش
وفي الحكم "تشوفك إلى ما بطن فيك من العيوب، خير من تشوفك إلى ما حجب عنك من الغيوب" والله تعالى أعلم
إعتبار النسب في الموانع، يقضي بتخصيص الحكم عن عمومه. ومن ذلك، وجود الغيرة على علوم القوم من الإنكار. وحماية عقول العوام من التعلق، بما يخص منها حامل، على وجود القصد بتخصيصها
هذا مع كثرة ما يخص منها ومداخل الغلط فيه علما أو عملا أو دعوى أو غير ذلك، فافهم، وأعط كل ذي حكم حقه
فالأعمال للعامة، والأحوال للمريدين، والفوائد للعابدين، والحقائق للعارفين، والعبارات قوت لعائلة المستمعين، وليس لك إلا ما أنت له آكل. فافهم