Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Histoire du Maghreb تاريخ المغرب الكبير

.عبد الله بن أبي سرح وفتح إفريقية من الكامل في التاريخ لإبن الأثير

في هذه السنة عزل عمرو بن العاص عن خراج مصر، واستعمل عليه عبد الله بن سعد بن أبي سرح وكان أخا عثمان من الرضاعة فتياغيا فكتب عبد الله إلى عثمان يقول : إنْ عَمْرأ كسر عليّ الخراج ، وكتب عمرو يقول : إنّ عبد الله قد كسر على مكيدة الحرب . فعزل عثمان عَمْراً، واستقدمه ، واستعمل بدله عبد الله علن حرب مصر وخراجها فقدِم عمرو مغضباً فدخل على عثمان وعليه جُبَّة محشوة ر قطناً ]. فقال له : ما حشو جبتُك ؟ قال : عمرو قال : قد علمتُ ولم أرِدْ هذا، [ إنما سألتُ أقطنٌ هو أم غيره ]؟

وكان عبد الله من جند مصر، وكان قد أمره عثمان بغزو إفريقية سنة خمس وعشرين وقاك له عثمان : إنْ فتح الله عليك فلَكَ من ألفيء خُمْس الخمس نَفْلاً . وأمّر عبد الله بم ت نافع بن عبد القيس وعبد الله بن نافع بن الحارث على جند وسرحهما [ إلى الأندلس ] وأمرهما بالاجتماع مع عبد الله بن سعد علن صاحب إفريقية وثَمّ يقيم عبد الله في عمله [ ويسيران إلى عملهما ] . فخرجوا حتى قطعوا أرض مصر، ووطئوا أرضَ افريقية، وكانوا في جيش كثير عُدَّتهم عشرة آلاف من شجعان المسلمين ، صالحهم أهلها على مالٍ يؤدُّونه ، ولم يُقْدِمُوا على دخول إفريقية والتوغّل فيها لكثرة أهلها

ثم إنّ عبد الله بن سعد لمّا ولي أرسل إلى عثمان في غزو إفريقية والاستكثار من الجموع عليها وفتحها، فاستشار عثمان مَنْ عنده من الصحابة فأشار أكثرهم بذلك ،فجهز إليه العساكر من المدينة وفيهم جماعة من أعيان الصحابة منهم عبد الله بن عباس وغيره

فسار بهم عبد الله بن سعد إلى إفريقية، فلما وصلوا إلى برقة لقيهم ، عقبة بن نافع " فيمن معه من المسلمين وكانوا بها وساروا إلى طرابلس الغرب فنهبوا مَنْ عندها من الروم ، وسار نحو إفريقية، وبث السرايا في كل ناحية ، وكان مَلِكُهم اسمه جرجير وملكه من طرابلس إلى طنجة، وكان هرقل ملك الروم قد ولّاه إِفريقية فهو يحمل إليه الخراج كل سنة، فلما بلغه خبر المسلمين تجهّز وجمع العساكر وأهل البلاد فبَلَغَ عسكره مائة ألف وعشرين ألف فارس ، وألتقى هو والمسلمون بمكان بينه وبين مدينة سبيطلة يوم وليلة وهذه المدينة كانت ذلك الوقت دار الملك فأقاموا هناك يقتتلون كل يوم ، وراسله عبد الله بن سعد يدعوه إلى الإسلام أو الجزية فامتنع منهما وتكبّر عن قَبُول أحدهما، وانقطع خبر المسلمين عن عثمان فسيّر عبد الله بن الزبير في جماعة إليهم ليأتيه بأخبارهم فسار مُجِدّا ، ووصل إليهم ، وأقام معهم، ولما وصل كثر الصياح والتكبير في المسلمين ، فسأل جرجير عن الخبر، فقيل : قد أتاهم عسكر، ففتّ ذلك في عضده

ورأى عبد الله بن الزبير قتال المسلمين كل يوم من بكرةٍ إلى الظهر فإذا أذن بالظهر عاد كلُ فريق إلى خيامه ، وشهد القتال من الغد فلم ير ابن أبي سرح معهم فسال عنه فقيل إنه سمع منادي جرجير يقول : " من قتل عبد الله بن سعد فله مائة ألف دينار وأزوِّجُه ابنتي " وهو يخاف، فحضر عنده وقال له : تأمر منادياً ينادي : " من أتاني برأس جرجير نفلته مائة ألف وزوجته ابنته واستعملته على بلاده ففعل ذلك فصار جرجير يخاف أشد من عبد الله

ثم إن عبد الله بن الزبير قال لعبد الله بن سعد : إن أمرنا يطول مع هؤلاء وهم في أمداد متصلة وبلاد هي لهم ونحن منقطعون عن المسلمين وبلادهم وقد رأيتُ أنْ نترك غَداً جماعة صالحة من أبطال المسلمين في خيامهم متأهبين ونقاتل نحن والروم في باقي العسكر إلى أن يضجروا ويمتُوا ، فإذا رجعوا إلى خيامهم ، ورجع المسلمون ركب مَنْ كأن في الخيام مِن المسلمين ولم يشهدوا القتال وهم مستريحون ونقصدهم على غِرّة فلعل الله ينصرنا عليهم

فأحضر جماعة من أعيان الصحابة واستشارهم فوافقوه على ذلك ، فلما كان الغد فعل عبد الله ما اتفقوا عليه ، وأقام جميعُ شجعان المسلمين في خيامهم وخيولهم عندهم مُسرجة ومضى الباقون فقاتلو[ الروم إلى الظهر قتالاً شديداً فلقا أذن بالظهر هَم الروم بالانصراف على العادة فلم يمكنُهم ابن الزبير وألَح عليهم بالقتال حتى أتعبهم ثم عاد عنهم هو والمسلمون فكلّ من الطائفتين ألقى سلاحه ووقع تَعِباً، فعند ذلك أخذ عبد الله بن الزبير مَنْ كان مستريحاً مِنْ شجعان المسلمين وقصد الروم فلم يشعروا بهم حتى خالطوهم وحملوا حملةَ.رجل واحد وكبّروا فلم يتمكن الروم مِنْ لبس سلاحهم حتى غَشِيهُم المسلمون وقتل جرير قتله ابن الزبير، وانهزم الروم ، وقتل منهم مقتلة عظيمة، وأخذت ابنة الملك جرجير سبية، ونازل عبد الله بن سعد المدينة فحصرها حتى فتحها ورأي فيها من الأموال ما لم يكن في غيرها فكان سهم الفارس ثلاثة آلاف دينار وسهم الراجل ألف دينار

ولما فتح عبد الله مدينة سبيطلة بثّ جيوشه في البلاد فبلغت قفصة فسبوا وغنموا وسيّر عسكراً إلى حصن الأجمّ ، وقد احتمى به أهلُ تلك البلاد فحصره وفتحه بالأمان فصالحه أهلُ افريقية على ألفي ألف وخمسمائة ألف دينار، ونفل عبد الله بن الزبير ابنة الملك وأرسله إلى عثمان بالبشارة بفتح افريقية . وقيل : إن ابنة الملك وقعت لرجلٍ من الأنصار فأركبها بعيراً وارتجز بها يقول

يا ابنة جرجير تمشي عقبتك إنّ عليك بالحجاز ربتك لتحملن من قباء قربتك

ثم إنّ عبد الله بن سعد عاد من إفريقية إلى مصر وكان مقامه بإفريقية سنة وثلاثة أشهر ولم يفقد من المسلمين إلا ثلاثة نفر قتل منهم أبو ذؤيب الهذلي الشاعر فدفن هناك ، وحمل خُمس إفريقية إلى المدينة فاشتراه مَرْوان بن الحَكَم بخمسمائة ألف دينار فوضعها عنه عثمان ، وكان هذا مما أخذ عليه

وهذا أحسن ما قيل في خمس افريقية فإنَ بعض الناس يقول : أعطن عثمان خمس افريقية عبد الله بن سعد، وبعضهم يقول : أعطاه مروان بن الحكم ، وظهر بهذا أنّه أعطى عبد الله خمس الغزوة الأولى وأعطى مروان خمس الغزوة الثانية التي افتتحت فيها جميع افريقية والله أعلم

كان هرقل ملك القسطنطينية يؤدي إليه كل ملك من ملوك النصاري الخراج من إفريقية ، ومصر، والأندلس ، وغير ذلك فلما صالح أهلُ إفريقية عبد الله بن سعد أرسل هرقل إلى أهلها بطْرِيْقاً له وأمره أنْ يأخذ منهم مثل ما أخذ المسلمون ، فنزل البِطْرِيق في قُرْطَاجَنة وجمع أَهل افريقية وأخبرهم بما أمره الملك فانجوا عليه ، وقالوا : نحن نؤدي ما كان يؤخذ منا، وقد كان ينبغي له أنْ يسامحنا لِمَا ناله المسلمون مِنّا وكان قد قام بأمر إفريقية بعد قتل جرجير رجلٌ آخر من الروم فطرده البِطْريق بعد فِتَن كثيرة، فسار إلى الشام وبه معاوية وقد استقرّ له الأمر بعد قتل عليّ ، فوصف له إفريقية ، وطلب أنْ يرسل معه جيشاً، فستر معه معاوية بن أبي سفيان معاوية بن حُدَيْج السكوني فلما وصلوا إلى الإسكندرية هلك الروميّ ومضن ابن حديج فوصل إلى افريقية وهي نار تضطرم وكان معه عسكر عظيم فنزل عند قَمُونيَة، وأرسل البطريق إليه ثلاثين ألف مقاتل ، فلقا سمع بهم معاوية سيّر إليهم جيشاً من المسلمين فقاتلوهم فانهزمت الروم ، وحصر حصن جلولاء فلم يقدر عليه فانهدم سور الحصن فملَكه المسلمون وغنموا ما فيه ، وبث السرايا فسكن الناس وأطاعوا وعاد إلى مصر

ثم لم يزل أهل إفريقية من أطوع أهل البلدان وأسمعهم إلى زمان هشام بن عبد الملك حتى دبى إليهم [ دعاة ] أهل العراق فاستشاروهم وشقُوا العصا وفرّقوا بينهم إلى اليوم ، وكانوا يقولون : لا نخالف الأئمة بما تجني العمال ، [ ولا نَحْمِل ذلك عليهم ] . فقالوا لهم : أنما يعمل هؤلاء بأمر أولئك . فقالوا : حتى نخبرَهم فخرج ميسرة في بضعة وعشرين رجلاً فقدِموا على هشام فلم يؤذَن لهم ، فدخلوا علن الأبرش فقالوا : أبلغْ أمير المؤمنين أنّ أميرنا يغزو بنا وبجنده ، فإذا غنِمنا نَفَلَهم [ دوننا ] ويقول : " هذا أخلص لجهادكم " ، وإذا حاصرنا مدينة قَدَّمَنَا وأخَرَهم ويقول : " هذا ازدياد في الأجر، ومثلنا كفى إخوانه ، ثم إنّهم عمدوا إلى ماشيتنا فجعلوا يبقرون بطونها عن سِخَالها يطلبون الفِرَاء البيض لأمير المؤمنين فيقتلون ألف شاة في جِلْدٍ فاحتملنا ذلك ، ثم إنهم سامونا

أنْ يأخذوا كل جميلة من بناتنا، فقلنا لم نجد هذا في كتاب ولا سُنَة، ونحن مسلمون فأحببنا أنْ نعلَم أعَن رَأي أمير المؤمنين هذا أم لا؟ فطال عليهم المقام ونفدتْ نفقاتُهم ، فكتبوا أسماءهم ودفعوها إلى وزرائه وقالوا:: إن سأل عنا أمير المؤمنين فأخبروه ، ثم رجعوا إلى افريقية فخرجوا على عامل هشام فقتلوه واستولوا على إفريقية ، وبلغ الخبر هشاماً فسأل عن النفر [ فرفعتْ إليه ]، فعرف أسماءهم فإذا هم الذين صنعوا ذلك

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :