7 Mars 2009
لا من التعلم ولا من الطريق المعتاد اعلم أن من انكشف له شيء ولو الشيء اليسير بطريق الإلهام والوقوع في القلب من حيث لا يدري فقد صار عارفاً بصحة الطريق ومن لم يدرك ذلك من نفسه قط فينبغي أن يؤمن به أما الشواهد: فقوله تعالى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " فكل حكمة تظهر من القلب بالمواظبة على العبادة من غير تعلم فهو بطريق الكشف والإلهام.
وقال صلى الله عليه وسلم " من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم ووفقه فيما يعمل حتى يستوجب الجنة ومن لم يعمل بما يعلم تاه فيما يعلم ولم يوفق فيما يعمل حتى يستوجب النار وقال الله تعالى " ومن يتق الله يجعل له مخرجاً " من الإشكالات والشبه " ويرزقه من حيث لا يحتسب " يعلمه علماً من غير تعلم ويفطنه من غير تجربة.
وقال الله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقاناً " قيل نوراً يفرق به بين الحق والباطل ويخرج به من الشبهات ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يكثر في دعائه من سؤال النور فقال عليه الصلاة والسلام " اللهم أعطني نوراً وزدني نوراً واجعل لي في قلبي نوراً وفي قبري نوراً وفي سمعي نوراً وفي بصري نوراً حتى قال في شعري وفي بشري وفي لحمي ودمي وعظامي " وسئل صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى " أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه " ما هذا الشرح فقال " هو التوسعة إن النور إذا قذف به في القلب اتسع له الصدر وانشرح وقال صلى الله عليه وسلم لابن عباس " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل وقال علي رضي الله عنه: ما عندنا شيء أسره النبي صلى الله عليه وسلم إلينا إلا أن يؤتى الله تعالى عبداً فهماً في كتابه وليس هذا بالتعلم " وقيل في تفسير قوله تعالى " يؤتى الحكمة من يشاء " إنه الفهم في: كتاب الله وقال تعالى " ففهمناها سليمان " خص ما انكشف باسم الفهم.
وكان أبو الدرداء يقول: المؤمن من ينظر بنور الله من وراء ستر رقيق والله إنه للحق يقذفه الله في قلوبهم ويجريه على ألسنتهم.
وقال بعض السلف: ظن المؤمن كهانة.
وقال صلى الله عليه وسلم " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله تعالى وإليه يشير قوله تعالى " إن في ذلك لآيات للمتوسمين " وقوله تعالى " قد بينا الآيات لقوم يوقنون " وروى الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " العلم علمان فعلم باطن في القلب فذلك هو العلم النافع " وسئل بعض العلماء عن العلم الباطن ما هو فقال: هو سر من أسرار الله تعالى يقذفه الله تعالى في قلوب أحبابه لم يطلع عليه ملكاً ولا بشراً.
وقد قال صلى الله عليه وسلم " إن من أمتي محدثين ومعلمين ومكلمين وإن عمر منهم " وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث " يعني الصديقين والمحدث هو الملهم والملهم هو الذي انكشف له في باطن قلبه من جهة الداخل لا من جهة المحسوسات الخارجة.
والقرآن مصرح بأن التقوى مفتاح الهداية والكشف: وذلك علم من غير تعلم.
وقال الله تعالى " وما خلق الله في السموات والأرض لآيات لقوم يتقون " خصصها بهم وقال تعالى " هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين " وكان أبو يزيد وغيره يقول: ليس العالم الذي يحفظ من كتاب فإذا نسي ما حفظه صار جاهلاً إنما العالم الذي يأخذ علمه من ربه أي وقت شاء بلا حفظ ولا درس.
وهذا هو العلم الرباني وإليه الإشارة بقوله تعالى " وعلمنا من لدنا علماً " مع أن كل علم
من لدنه ولكن بعضها بوسائط تعليم الخلق فلا يسمى ذلك علماً لدنيا بل اللدني الذي ينفتح في سر القلب من غير سبب مألوف من خارج فهذه شواهد النقل ولو جمع كل ما ورد فيه من الآيات والأخبار والآثار لخرج عن الحصر.
وأما مشاهدة ذلك بالتجارب فذلك أيضاً خارج عن الحصر وظهر ذلك على الصحابة والتابعين ومن بعدهم.
وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لعائشة رضي الله عنها عند موته: إنما هما أخواك وأختاك وكانت زوجته حاملاً فولدت بنتاً فكان قد عرف قبل الولادة أنها بنت.
وقال عمر رضي الله عنه في أثناء خطبته: يا سارية الجبل الجبل إذ انكشف له أن العدو قد أشرف عليه فحذره لمعرفته ذلك ثم بلوغ صوته إليه من جملة الكرامات العظيمة وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخلت على عثمان رضي الله عنه وكنت قد لقيت امرأة في طريقي فنظرت إليها شزراً وتأملت محاسنها فقال عثمان رضي الله عنه لما دخلت: يدخل علي أحدكم وأثر الزنا ظاهر على عينيه أما علمت أن زنا العينين النظر لتتوبن أو لأعزرنك فقلت: أوحي بعد النبي فقال.
لا ولكن بصيرة وبرهان وفراسة صادقة.
وعن أبي سعيد الخراز قال: دخلت المسجد الحرام فرأيت فقيراً عليه خرقتان فقلت في نفسي: هذا وأشباهه كل على الناس فناداني وقال " والله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه " فاستغفرت الله في سري فناداني وقال " وهو الذي يقبل التوبة عن عباده " ثم غاب عني ولم أره.
وقال زكريا بن داود: دخل أبو العباس بن مسروق على أبي الفضل الهاشمي - وهو عليل وكان ذا عيال ولم يعرف له سبب يعيش به - قال: فلما قمت قلت في نفسي من أين يأكل هذا الرجل قال: فصاح بي يا أبا العباس رد هذه الهمة الدنية فإن لله تعالى ألطافاً خفية.
وقال أحمد النقيب: دخلت على الشبلي فقال مفتوناً: يا أحمد فقلت: ما الخبر قال: كنت جالساً لجرى بخاطري أنك بخيل فقلت: ما أنا بخيل فعاد مني خاطري وقال: بل أنت بخيل فقلت: ما فتح اليوم علي بشيء إلا دفعته إلى أول فقير يلقاني قال: فما استتم الخاطر حتى دخل علي صاحب لمؤنس الخادم ومعه خمسون ديناراً فقال " اجعلها في مصالحك قال: وقمت فأخذتها
وخرجت وإذا بفقير مكفوف بين يدي مزيد يحلق رأسه فتقدمت إليه وناولته الدنانير فقال: أعطها المزين فقلت: إن جملتها كذا وكذا قال: أوليس قد قلنا لك إنك بخيل قال: فناولتها المزين فقال المزين: قد عقدنا لما جلس هذا الفقير بين أيدينا أن لا نأخذ عليه أجراً قال: فرميت بها في دجلة وقلت: ما أعزك أحد إلا أذله الله عز وجل.
وقال حمزة بن عبد الله العلوي: دخلت
على أبي الخير النيناني واعتقدت في نفسي أن أسلم عليه ولا آكل في داره طعاماً فلما خرجت من عنده إذا به قد لحقني وقد حمل طبقاً فيه طعام وقال: يا فتى كل فقد خرجت الساعة من اعتقادك وكان أبو الخير النيناني هذا مشهوراً بالكرامات وقام إبراهيم الرقي: قصدته مسلماً عليه فحضرت صلاة المغرب فلم يكد يقرأ الفاتحة مستوياً فقلت في نفسي: ضاعت سفرتي! فلما سلم خرجت إلى الطهارة فقصدني سبع فعدت إلى أبي الخير وقلت: قصدني سبع فخرج
وصاح به وقال: ألم أقل لك لا تتعرض لضيفاني فتنحى الأسد فتطهرت فلما رجعت قال لي: اشتغلتم بتقويم الظاهر فخفتم الأسد واشتغلنا بتقويم البواطن فخافنا الأسد.
وما حكي من تفرس المشايخ وإخبارهم عن اعتقادات الناس وضمائرهم يخرج عن الحصر بل ما حكي عنهم من مشاهدة الخضر عليه السلام والسؤال منه ومن سماع صوت الهاتف ومن فنون الكرامات خارج عن الحصر والحكاية لا تنفع الجاحدما لم يشاهد ذلك من نفسه ومن أنكر الأصل أنكر التفصيل والدليل القاطع الذي لا يقدر أحد على جحد أمران أحدهما: عجائب الرؤيا الصادقة فإنه ينكشف بها الغيب وإذا جاز ذلك في النوم فلا يستحيل أيضاً في اليقظة فلم يفارق النوم اليقظة إلا في ركود الحواس وعدم اشتغالها بالمحسوسات فكم من مستيقظ غائص لا يسمع ولا يبصر لاشتغاله بنفسه! والثاني: إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الغيب وأمور في المستقبل كما اشتمل عليه القرآن وإذا جاز ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم جاز لغيره إذ النبي عبارة عن شخص كوشف بحقائق الأمور وشغل بإصلاح الخلق فلا يستحيل أن يكون في الوجود شخص مكاشف بالحقائق ولا يشتغل بإصلاح الخلق وهذا لا يسمى نبياً بل يسمى ولياً فمن آمن بالأنبياء وصدق بالرؤيا الصحيحة لزمه لا محالة أن يقر بأن القلب له بابان: باب إلى خارج وهو الحواس وباب إلى الملكوت من داخل القلب وهو باب الإلهام والنفث في الروع والوحي فإذا أقربهما جميعاً لم يمكنه أن يحصر العلوم في التعلم ومباشرة الأسباب المألوفة بل يجوز أن تكون المجاهدة سبيل إليه فهذا ما ينبه على حقيقة ما ذكرناه من عجيب تردد القلب بين عالم الشهادة وعالم الملكوت.
وأما السبب في انكشاف الأمر في المنام بالمثال المحوج إلى التعبير وكذلك تمثل الملائكة للأنبياء والأولياء بصور مختلفة فذلك أيضاً من أسرار عجائب القلب ولا يليق ذلك إلا بعلم المكاشفة فلنقتصر على ما ذكرناه فإنه كاف للاستحثاث على المجاهدة وطلب الكشف منها.
فقد قال بعض المكاشفين ظهر لي الملك فسألني أملي عليه شيئاً من ذكري الخفي عن مشاهدتي من التوحيد وقال: ما نكتب لك عملاً ونحن نحب أن نصعد لك بعمل تتقرب به إلى الله عز وجل فقلت: ألستما تكتبان الفرائض قالا: بلى قلت: فيكفيكما ذلك.
وهذه إشارة إلى أن الكرام الكاتبين لا يطلعون على أسرار القلب وإنما يطلعون على الأعمال الظاهرة.
وقال بعض العارفين: سألت بعض الأبدال عن مسألة من مشاهدة اليقين فالتفت إلى شماله فقال: ما تقول رحمك الله ثم التفت إلى يمينه فقال: ما تقول رحمك الله ثم أطرق إلى صدره وقال: ما تقول رحمك الله ثم أجاب بأغرب جواب سمعته فسألته عن التفاته فقال: لم يكن عندي في المسألة جواب عتيد فسألت صاحب الشمال فقال لا أدري! فسألت صاحب اليمين وهو أعلم منه فقال لا أدري فنظرت إلى قلبي وسألته فحدثني بما أجبتك فإذا هو أعلم منهما.
وكأن هذا هو معنى قوله عليه السلام " إن في أمتي محدثين وإن عمر منهم ".
وفي الأثر: إن الله تعالى يقول: أيما عبد اطلعت على قلبه فرأيت الغالب عليه التمسك بذكرى توليت سياسته وكنت جليسه ومحادثه وأنيسه.
وقال أبو سليمان الداراني رحمة الله عليه: القلب بمنزلة القبة المضروبة حولها أبواب مغلقة باب فتح له عمل فيه فقد ظهر انفتاح باب من أبواب القلب إلى جهة الملكوت والملأ الأعلى وينفتح ذلك الباب بالمجاهدة والورع والإعراض عن شهوات الدنيا.
ولذلك كتب عمر رضي الله عنه إلى أمراء الأجناد: احفظوا ما تسمعون من المطيعين فإنهم ينجلي لهم أمور صادقة.
وقال بعض العلماء: يد الله على أفواه الحكماء لا ينطقون إلا بما هيأ الله لهم من الحق.
وقال آخر: لو شئت لقلت إن الله تعالى يطلع الخاشعين على بعض سره.
ومعنى الوسوسة وسبب غلبتها اعلم أن القلب كما ذكرناه مثال قبة مضروبة لها أبواب تنصب إليه الأحوال من كل باب ومثاله أيضاً مثال هدف تنصب إليه السهام من الجوانب أو هو مثال مرآة منصوبة تجتاز عليها أصناف الصور المختلفة فتتراءى فيها صورة بعد صورة ولا تخلو عنها أو مثال حوض تنصب فيه مياه مختلفة من أنهار مفتوحة إليه.
وإنما مداخل هذه الآثار المتجددة في القلب في كل حال أما من الظاهر فالحواس الخمس وأما من الباطن فالخيال والشهوة والغضب والأخلاق المركبة من مزاج الإنسان فإنه إذا أدرك بالحواس شيئاً حصل منه أثر في القلب وكذلك إذا هاجت الشهوة مثلاً بسبب كثرة الأكل وبسبب قوة في المزاج حصل منها في القلب أثر وإن كف عن الإحساس فالخيالات الحاصلة في النفس تبقى وينتقل الخيال من شيء إلى شيء وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال آخر.
والمقصود أن القلب في التغير والتأثر دائماً من هذه الأسباب.
وأخص الآثار الحاصلة في القلب هو الخواطر وأعني بالخواطر ما يحصل فيه من الأفكار والأذكار وأعني به إدراكاته علوماً إما على سبيل التجدد وإما على سبيل التذكر فإنها تسمى خواطر من حيث أنها تخطر بعد أن كان القلب غافلاً عنها.
والخواطر هي المحركات للإرادات فإن النية والعزم والإرادة إنما تكون بعد خطور المنوى بالبال لا محالة فمبدأ الأفعال الخواطر ثم الخاطر يحرك الرغبة والرغبة تحرك العزم والعزم يحرك النية والنية تحرك الأعضاء.
والخواطر المحركة للرغبة تنقسم إلى ما يدعو إلى الشر أعني إلى ما يضر في العاقبة وإلى ما يدعو إلى ما ينفع في الدار الآخرة.
فهما خاطران مختلفان فافتقرا إلى اسمين مختلفين فالخاطر المحمود يسمى إلهاماً والخاطر المذموم أعنى الداعي إلى الشر يسمى وسواساً ثم إنك تعلم أن هذه الخواطر حادثة ثم إن كل حادث فلا بد له من محدث.
ومهما اختلفت الحوادث دل ذلك على اختلاف الأسباب هذا ما عرف من سنة الله تعالى في ترتيب المسببات على الأسباب.
فمهما استنارت حيطان البيت بنور النار وأظلم سقفه واسود بالدخان علمت أن سبب السواد غير سبب الاستنارة.
وكذلك لأنوار القلب وظلمته سببان مختلفان: فسبب الخاطر الداعي إلى الخير يسمى ملكاً وسبب الخاطر الداعي إلى الشر يسمى شيطاناً واللطيف الذي يتهيأ به القلب لقبول إلهام الخير يسمى توفيقاًو الذي به يتهيأ لقبول وسواس الشيطان يسمىإغواء وخذلاناً فإن المعاني المختلفة تفتقر إلى أسامي مختلفة والملك عبارة عن خلق خلقه الله تعالى شأنه إفاضة الخير وإفادة العلم وكشف الحق والوعد بالخير والأمر بالمعروف وقد خلقه وسخره لذلك والشيطان عبارة عن خلق شأنه ضد ذلك وهو الوعد بالشر والأمر بالفحشاء والتخويف عند الهم بالخير بالفقر.
فالوسوسة في مقابلة الإلهام والشيطان في مقابلة الملك والتوفيق في مقابلة الخذلان.
وإليه الإشارة بقوله تعالى " ومن كل شيء خلقنا زوجين " فإن الموجودات كلها متقابلة مزدوجة إلا الله
تعالى فإنه فرد لا مقابل له بل هو الواحد الحق الخالق للأزواج كلها.
فالقلب متجاذب بين الشيطان والملك.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " في القلب لمتان لمة من الملك إيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله سبحانه وليحمد الله ولمة من العدو إيعاد بالشر وتكذيب بالحق ونهي عن الخير فمن وجد ذلك فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم - ثم تلا قوله تعالى " الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء " الآية ".
وقال الحسن إنما هما همان يجولان في القلب هم من الله تعالى وهم من العدو فرحم الله عبداً وقف عند همه فما كان من الله تعالى أمضاه وما كان من عدوه جاهده.
ولتجاذب القلب بين هذين المسلطين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن " فالله تعالى عن أن يكون له أصبح مركبة من لحم ودم وعصب منقسمة بالأنامل ولكن روح الإصبع سرعة التقليب والقدرة على التحريك والتغيير فإنك لا تريد إصبعك لشخصه بل لفعله في التقليب والترديد كما أنك تتعاطى الأفعال بأصابعك.
والله تعالى يفعل ما يفعل باستسخار الملك والشيطان وهما مسخران بقدرته في تقليب القلوب كما أن أصابعك مسخرة لك في تقليب الأجسام مثلاص.
والقلب بأصل الفطرة صالح لقبول آثار الملك ولقبول آثار الشيطان صلاحاً متساوياً ليس بترجح أحدهما على الآخر وإنما يترجح أحد الجانبين باتباع الهوى والإكباب على الشهوات أو الإعراض عنها ومخالفتها فإن اتبع الإنسان مقتضى الغضب والشهوة ظهر تسلط الشيطان بواسطة الهوى وصار القلب عش الشيطان ومعدنه لأن الهوى هو مرعى الشيطان ومرتعه وإن جاهد الشهوات ولم يسلطها على نفسه
وتشبه بأخلاق الملائكة عليهم السلام صار قلبه مستقر الملائكة ومهبطهم ولما كان لا يخلو قلب عن شهوة وغضب وحرص وطمع وطول أمل إلى غير ذلك من صفات البشرية المتشعبة عن الهوى لا جرم لم يخل قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولان بالوسوسة.
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " ما منكم من أحد إلا وله شيطان " قالوا وأنت يا رسول الله قال " وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمر إلا بخبر وإنما كان هذا لأن الشيطان لا يتصرف إلا بواسطة الشهوة فمن أعانه الله على شهوته حتى صارت لا تنبسط إلا حيث ينبغي وإلى الحد الذي ينبغي فشهوته لا تدعو إلى الشر فالشيطان المتدرع بها لا يأمر إلا بالخير.
ومهما غلب على القلب ذكر الدنيا بمقتضيات الهوى وجد الشيطان مجالاً فوسوس.
ومهما انصرف القلب إلى ذكر الله تعالى ارتحل الشيطان وضاق مجاله وأقبل الملك وألهم.
والتطارد بين جندي الملائكة والشياطين في معركة القلب دائم إلى أن ينفتح القلب لأحدهما فيستوطن ويستمكن ويكون اجتياز الثاني اختلاساً.
وأكثر القلوب قد فتحتها جنود الشياطين وتملكتها فامتلأت بالوساوس الداعية إلى إيثار العاجلة وإطراح الآخرة.
ومبدأ استيلائها اتباع الشهوات والهوى.
ولا يمكن فتحها بعد ذلك إلا بتخلية القلب عن قوت الشيطان وهو الهوى والشهوات وعمارته بذكر الله تعالى الذي هو مطرح أثر الملائكة.
وقال جابر بن عبيدة العدوي: شكوت إلى العلاء بن زياد ما أجد في صدر من الوسوسة فقال: إنما مثل ذلك مثل البيت الذي يمر به اللصوص فإن كان فيه شيء عالجوه وإلا مضوا وتركوه.
يعني أن القلب الخالي عن الهوى لا يدخله الشيطان.
ولذلك قال الله تعالى " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " فكل من اتبع الهوى فهو عبد الهوى لا عبد الله ولذلك سلط الله عليه الشيطان.
وقال تعالى " أفرأيت من اتخذ إلهه هواه " وهو إشارة إلى أن من الهوى إلهه ومعبوده فهو عبد الهوى لا عبد الله.
ولذلك قال عمرو ابن العاص للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله حال الشيطان بيني وبين صلاتي وقراءتي فقال " ذلك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً " قال: ففعلت ذلك فأذهبه الله عني ".
وفي الخبر " إن للوضوء شيطاناً يقال له الولهان فاستعيذوا بالله منه " ولا يمحو وسوسة الشيطان من القلب إلا ذكر ما سوى ما يوسوس به لأنه إذا خطر في القلب ذلك شيء انعدم منه ما كان فيه من قبل ولكن كل شيء سوى الله تعالى وسوى ما يتعلق به فيجوز أيضاً أن يكون مجالاً للشيطان وذكر الله هو الذي يؤمن جانبه ويعلم أنه ليس للشيطان فيه مجال.
ولا يعالج الشيء إلا بضده وضد جميع وساوس الشيطان ذكر الله بالاستعاذة والتبري عن الحول والقوة وهو معنى قولك: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
وذلك لا يقدر عليه إلا المتقون الغالب عليهم ذكر الله تعالى وإنما الشيطان يطوف عليهم في أوقات الفلتات على سبيل الخلسة.
قال الله تعالى " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون " وقال مجاهد في معنى قول الله تعالى " من شر الوسواس الخناس " قال: هو منبسط على
القلب فإذا ذكر الله تعالى خنس وانقبض وإذا غفل انبسط على قلبه.
فالتطارد بين الله تعالى ووسوسة الشيطان كالتطارد بين النور والظلام وبين الليل والنهار ولتضادهما قال الله تعالى " استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله " وقال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشيطان واضع خرطومه على قلب ابن آدم فإن هو ذكر الله تعالى خنس وإن نسي الله تعالى التقم قلبه " وقال ابن وضاح في حديث ذكره: إذا بلغ الرجل أربعين سنة ولم يتب ولم يتب
وكما أن الشهوات ممتزجة بلحم ابن آدم فسلطنة الشيطان أيضاً سارية في لحمه ودمه ومحيطة بالقلب من جوانبه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع ".
وذلك لأن الجوع يكسر الشهوة ومجرى الشيطان الشهوات.
ولأجل اكتناف الشهوات للقلب من جوانبه قال الله تعالى إخباراً عن إبليس " لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم " وقال صلى الله عليه وسلم " إن الشيطان قعد لابن آدم بطرق فقعد له بطريق الإسلام فقال: أتسلم وتترك دينك ودين آبائك فعصاه وأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: أتهاجر أتدع أرضك وسمائك فعصاه وهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: أتجاهد وهو تلف النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح نساؤك ويقسم مالك فعصاه وجاهد " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فمن فعل ذلك فمات كان حقاً على الله أن يدخله الجنة " فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم معنى الوسوسة وهي هذه الخواطر التي تخطر للمجاهد أنه يقتل وتنكح نساؤه وغير ذلك مما يصرفه عن الجهاد وهذه الخواطر معلومة.
فإذاً الوسواس معلوم بالمشاهدة وكل خاطر فله سبب ويفتقر إلى اسم يعرفه فاسم سببه الشيطان ولا يتصور أن ينفك عنه آدمي وإنما يختلفون بعصيانه ومتابعته ولذلك قال عليه السلام " ما من أحد إلا وله شيطان ".
فقد اتضح بهذا النوع من الاستبصار معنى الوسوسة والإلهام والملك والشيطان والتوفيق والخذلان فبعد هذا نظر من ينظر في ذات الشيطان أنه جسم لطيف أو ليس بجسم.
وإن كان جسماً فكيف يدخل بدن الإنسان ما هو جسم فهذا الآن غير محتاج إليه في علم المعاملة.
بل مثال الباحث عن هذا مثال من دخلت في ثيابه حية وهو محتاج إلى إزالتها ودفع ضررها فاشتغل بالبحث عن لونها وشكلها وطولها وعرضها وذلك عين الجهل فمصادمة الخواطر الباعثة على الشر قد علمت ودل ذلك على أنه عن سبب لا محالة وعلم أن الداعي إلى الشر المحذور في المستقبل عدو فقد عرف العدو لا محالة فينبغي أن يشتغل بمجاهدته وقد عرف الله سبحانه
عداوته في مواضع كثيرة من كتابه ليؤمن به ويحترز عنه فقال تعالى " إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير " وقال تعالى " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين " فينبغي للعبد أن يشتغل بدفع العدو عن نفسه لا بالسؤال عن أصله ونسبه ومسكنه.
نعم ينبغي أن يسأل عن سلاحه ليدفعه عن نفسه وسلاح الشيطان الهوى والشهوات وذلك كاف للعالمين.
فأما معرفة ذاته وصفاته وحقيقته - نعوذ بالله منه - وحقيقة الملائكة فذلك ميدان العارفين المتغلغلين في علوم المكاشفات فلا يحتاج في علم المعاملة إلى معرفته.
نعم ينبغي أن يعلم أن الخواطر تنقسم إلى ما يعلم قطعاً أنه داع إلى الشر فلا يخفى كونه وسوسة.
وإلى ما يعلم أنه داع إلى الخير فلا يشك في كونه إلهاماً وإلى ما يتردد فيه فلا يدري أنه من لمة الملك أو من لمة الشيطان فإن من مكايد الشيطان أن يعرض الشر في معرض الخير والتمييز في ذلك غامض وأكثر العباد به يهلكون فإن الشيطان لا يقدر على دعائهم إلى الشر الصريح فيصور الشر بصورة الخير كما يقول للعالم بطريق الوعظ: أما تنظر إلى الخلق وهم موتى من الجهل هلكى من الغفلة قد أشرفوا على النار أما لك رحمة على عباد الله تنقذهم من المعاطب بنصحك ووعظك وقد أنعم الله عليك بقلب بصير ولسان ذلق ولهجة مقبولة فكيف تكفر نعمة الله وتتعرض لسخطه وتسكت عن إشاعة العلم ودعوة الخلق إلى الصراط المستقيم وهو لا يزال يقرر ذلك في نفسه ويستجره بطليف الحيل إلى أن يشتغل بوعظ الناس ثم يدعوه بعد ذلك إلى أن يتزين لهم ويتصنع بتحسين اللفظ وإظهار الخير ويقول له: إن لم تفعل ذلك سقط وقع كلامك من قلوبهم ولم يهتدوا إلى الحق.
ولا يزال يقرر ذلك عنده وهو في أثنائه يؤكد فيه شوائب الرياء وقبول الخلق ولذة الجاه والتعزز بكثرة الأتباع والعلم والنظر إلى الخلق
بعين الاحتقار فيستدرج المسكين بالنصح إلى الهلاك فيتكلم وهو يظن أن قصده الخير وإنما قصده الجاه والقبول فيهلك بسبب وهو يظن أنه عند الله بمكان وهو من الذين قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الله ليؤيد هذا الدين بقوم لا خلاق لهم ".
و " إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ولذلك روي أن إبليس لعنه الله تمثل لعيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فقال له " قل لا إله إلا الله.
فقال: كلمة حق ولا أقولها بقولك.
لأن له أيضاً تحت الخير تلبيسات وتلبيسات الشيطان من هذا الجنس لا تتناهى وبها يهلك العلماء والعباد والزهاد والفقراء والأغنياء وأصناف الخلق ممن يكرهون ظاهر الشر ولا يرضون لأنفسهم الخوض في المعاصي المكشوفة.
وسنذكر جملة من مكايد الشيطان في كتاب الغرور في آخر هذا الربع.
ولعلنا إن أمهل الزمان صنفنا فيه كتاباً على الخصوص نسميه )تلبيس إبليس( فإنه قد انتشر الآن تلبيسه في البلاد
والعباد لا سيما في المذاهب والاعتقادات حتى لم يبق من الخيرات إلا رسمها كل ذلك إذعاناً لتلبيسات الشيطان ومكايده.
فحق على العبد أن يقف عند كل هم يخطر له ليعلم أنه من لمة الملك أو لمة الشيطان وأن يمعن النظر فيه بعين البصيرة لا بهوى من الطبع ولا يطلع عليه إلا بنور التقوى والبصيرة وغزارة العلم كما قال تعالى " إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا " أي رجعوا إلى نور العلم " فإذا هم مبصرون " أي ينكشف لهم الإشكال فأما من لم يرض نفسه بالتقوى فيميل طبعه إلى الإذعان بتلبيسه بمتابعة الهوى فيكثر فيه غلطه ويتعجل فيه هلاكه وهو لا يشعر.
وفي مثلهم قال سبحانه وتعالى " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " قيل هي أعمال ظنوها حسنات فإذا هي سيئات.
وأغمض أنواع علوم المعاملة الوقوف على خدع النفس ومكايد الشيطان وذلك فرض عين على كل عبد وقد أهمله الخلق واشتغلوا بعلوم تستجر إليهم الوسواس وتسلط عليهم الشيطان وتنسيهم عداوته وطريق الاحتراز عنه.
ولا ينجى من كثرة الوسواس إلا سد أبواب الخواطر.
وأبوابها الحواس الخمس وأبوابها من داخل الشهوات وعلائق الدنيا.
والخلوة في بيت مظلم تسد باب الحواس.
والتجرد عن الأهل والمال يقلل مداخل الوسواس من الباطن ويبقى مع ذلك مداخل باطنة في التخيلات الجارية في القلب وذلك لا يدفع إلا بشغل القلب بذكر الله تعالى ثم أنه لا يزال يجاذب القلب وينازعه ويلهيه عن ذكر الله تعالى فلا بد من مجاهدته وهذه مجاهدة لا آخر لها إلا الموت إذ لا يتخلص أحد من الشيطان ما دام حياً.
نعم قد يقوى بحيث لا ينقاد له ويدفع عن نفسه شره بالجهاد ولكن لا يستغنى قط عن الجهاد والمدافعة ما دام الدم يجري في بدنه.
فإذا ما دام حياً فأبواب الشيطان مفتوحة إلى قلبه لا تنغلق وهي الشهوة والغضب والحسد والطمع والشره وغيرها - كما سيأتي شرحها - ومهما كان الباب مفتوحاً
والعدو غير غافل لم يدفع إلا بالحراسة والمجاهدة.
قال رجل للحسن يا أبا سعيد أينام الشيطان فتبسم وقال: لو نام لاسترحنا.
فإذن لا خلاص
للمؤمن منه.
نعم له سبيل إلى دفعه وتضعيف قوته.
قال صلى الله عليه وسلم " إن المؤمن ينضى شيطانه كما ينضى أحدكم بعيره في سفره " وقال ابن مسعود شيطان المؤمن مهزول.
وقال قيس بن الحجاج: قال لي شيطاني دخلت فيك وأنا مثل الجزور وأنا الآن مثل العصفور قلت: ولم ذاك قال: تذيبني بذكر الله تعالى.
فأهل التقوى لا يتعذر عليهم سد أبواب الشيطان وحفظها بالحراسة أعني الأبواب الظاهرة والطرق الجلية التي تفضي إلى المعاصي الظاهرة وإنما يتعثرون في طرقه الغامضة فإنهم لا يهتدون إليها فيحرسونها كما أشرنا إليه في غرور العلماء والوعاظ والمشكل أن الأبواب المفتوحة إلى القلب للشيطان كثيرة وباب الملائكة باب واحد وقد التبس ذلك الباب الواحد بهذه الأبواب الكثيرة فالعبد فيها كالمسافر الذي يبقى في بادية كثيرة الطرق غامضة المسالك في ليلة مظلمة فلا يكاد يعلم الطريق إلا بعين بصيرة وطلوع شمس مشرقة.
والعين البصيرة ههنا هي القلب المصفى بالتقوى.
والشمس المشرقة هو العلم الغزير المستفاد من كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مما يهدي إلى غوامض طرقه وإلا فطرقه كثيرة وغامضة.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطا وقال " هذا سبيل الله " ثم خط خطوطاً عن يمين الخط وعن شماله ثم قال " هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه " ثم تلا " وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا وقد ذكرنا مثالاً للطريق الغامض من طرقه وهو الذي يخدع له العلماء والعباد المالكين لشهواتهم الكافين عن المعاصي الظاهرة فلنذكر مثالاً لطريقه الواضح الذي لا يخفى إلا أن يضطر الآدمي إلى سلوكه.
وذلك كما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " كان راهب في بني إسرائيل فعمد الشيطان إلى جارية فخنقها وألقى في قلوب أهلها أن دواءها عند الراهب فأتوا بها إليه فأبى أن يقبلها فلم يزالوا به حتى قبلها فلما كانت عنده ليعالجها أتاه الشيطان فزين له مقاربتها ولم يزل به حتى واقعها فحملت منه فوسوس إليه وقال: الآن تفتضح يأتيك أهلها فاقتلها فإن سألوك فقل ماتت فقتلها ودفنها فأتي الشيطان أهلها فوسوس إليهم وألقى في قلوبهم أنه أحبلها ثم قتلها ودفنها فأتاه أهلها فسألوه عنها فقال: ماتت فأخذوه ليقتلوه بها فأتاه الشيطان فقال: أنا الذي خنقتها وأنا الذي ألقيت في قلوب أهلها فأطعني تنج وأخلصك منهم قال: بماذا قال: اسجد لي سجدتين فسجد له سجدتين فقال له الشيطان: إني بريء منك.
فهو الذي قال الله تعالى فيه " كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك " فانظر الآن إلى حيله واضطراره الراهب إلى هذه الكبائر وكل ذلك لطاعته له في قبول الجارية للمعالجة وهو أمر هين وربما يظن صاحبه أنه خير وحسنة فيحسن ذلك في قلبه بخفي الهوى فيقدم عليه كالراغب في الخير فيخرج الأمر بعد ذلك عن اختياره ويجره البعض إلى البعض بحيث لا يجد محيصاً: فنعوذ بالله من تضييع أوائل الأمور وإليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم " من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه ".