23 Novembre 2011
مَزَجْتَ دَمعــا جرى مِن مُقلَةٍ بِدَمِ | أمِنْ تَــذَكِّرِ جيرانٍ بــذي سَــلَمِ |
وأومَضَ البرقُ في الظَّلمـاءِ مِن اِضَمِ | أَم هَبَّتِ الريحُ مِن تلقــاءِ كــاظِمَةٍ |
وما لقلبِكَ اِن قلتَ اسـتَفِقْ يَهِــمِ | فـما لِعَينـيك اِن قُلتَ اكْفُفَـا هَمَـتَا |
ما بينَ منسَــجِمٍ منه ومُضْـطَـرِمِ | أيحَســب الصَبُّ أنَّ الحبَّ مُنكَتِــمٌ |
ولا أَرِقْتَ لِــذِكْرِ البـانِ والعَلَـمِ | لولا الهوى لم تُرِقْ دمعـــا على طَلِلِ |
به عليـك عُدولُ الدمـعِ والسَّـقَمِ | فكيفَ تُنْكِـرُ حبا بعدمـا شَــهِدَت |
مثلَ البَهَـارِ على خَدَّيـك والعَنَـمِ | وأثبَتَ الـوَجْدُ خَـطَّي عَبْرَةٍ وضَـنَى |
والحُبُّ يعتَـرِضُ اللـذاتِ بالأَلَـمِ | نَعَم سـرى طيفُ مَن أهـوى فـأَرَّقَنِي |
مِنِّي اليـك ولَو أنْصَفْـتَ لَم تَلُـمِ | يــا لائِمي في الهوى العُذْرِيِّ مَعـذرَةً |
عن الوُشــاةِ ولا دائي بمُنحَسِــمِ | عَدَتْـــكَ حالي لا سِـرِّي بمُسْـتَتِرٍ |
اِنَّ المُحِبَّ عَنِ العُــذَّالِ في صَمَـمِ | مَحَّضْتَنِي النُّصْحَ لكِنْ لَســتُ أسمَعُهُ |
والشَّـيْبُ أبعَـدُ في نُصْحٍ عَنِ التُّهَمِ | اِنِّي اتَّهَمْتُ نصيحَ الشَّـيْبِ فِي عَذَلِي |
مِن جهلِـهَا بنذير الشَّـيْبِ والهَـرَمِ | فـانَّ أمَّارَتِي بالسـوءِ مــا اتَّعَظَت |
ضَيفٍ أَلَـمَّ برأسـي غيرَ مُحتشِـمِ | ولا أعَــدَّتْ مِنَ الفِعلِ الجميلِ قِرَى |
كتمتُ سِـرَّا بَــدَا لي منه بالكَتَمِ | لــو كنتُ أعلـمُ أنِّي مــا أُوَقِّرُهُ |
كما يُرَدُّ جِمَاَحُ الخيــلِ بالُّلُـجُمِ | مَن لي بِرَدِّ جِمَــاح مِن غَوَايتِهَــا |
اِنَّ الطعـامَ يُقوِّي شــهوةَ النَّهِمِ حُبِّ الرّضَاع وَإِِِنْ تَفْطِمْهُ يَنفَطِــمِ | فـلا تَرُمْ بالمعاصي كَسْـرَ شـهوَتهَا والنَّفسُ كَالطّفلِ إِنْ تُهمِلْه ُشَبَّ عَلَى |
اِنَّ الهوى مـا تَـوَلَّى يُصْمِ أو يَصِمِ | فاصْرِف هواهــا وحاذِر أَن تُوَلِّيَهُ |
واِنْ هِيَ استَحْلَتِ المَرعى فلا تُسِـمِ | وراعِهَـا وهْيَ في الأعمال سـائِمَةٌ |
مِن حيثُ لم يَدْرِ أَنَّ السُّمَّ في الدَّسَـمِ | كَـم حسَّــنَتْ لَـذَّةً للمرءِ قاتِلَةً |
فَرُبَّ مخمَصَةٍ شَـــرٌّ مِنَ التُّـخَمِ | واخْشَ الدَّسَائِسَ مِن جوعٍ ومِن شِبَعٍ |
مِن المَحَـارِمِ والْزَمْ حِميَـةَ َالنَّـدَمِ | واستَفرِغِ الدمعَ مِن عينٍ قَـدِ امْتَلأتْ |
واِنْ همـا مَحَّضَـاكَ النُّصحَ فاتَّهِـمِ | وخالِفِ النفسَ والشيطانَ واعصِهِـمَا |
فأنت تعرفُ كيـدَ الخَصمِ والحَكَـمِ | ولا تُطِعْ منهما خصمَا ولا حكَمَــا |
أنِ اشـتَكَتْ قدمَــاهُ الضُّرَّ مِن وَرَمِ | ظَلمتُ سُـنَّةَ مَن أحيــا الظلامَ الى |
تحتَ الحجارةِ كَشْــحَاَ ًمُتْرَفَ الأَدَمِ | وشَدَّ مِن سَغَبٍ أحشــاءَهُ وطَـوَى |
عن نفسِـه فـأراها أيَّمَـــا شَمَمِ | وراوَدَتْــهُ الجبالُ الشُّـمُّ مِن ذَهَبٍ |
اِنَّ الضرورةَ لا تعــدُو على العِصَمِ | وأكَّــدَت زُهدَهُ فيها ضرورَتُــهُ |
والفريقـين مِن عُـربٍ ومِن عَجَـمِ | محمدٌّ سـيدُ الكــونينِ والثقَلَـيْنِ |
أبَـرُّ في قَــولِ لا منـه ولا نَعَـمِ | نَبِيُّنَـا الآمِرُ النَّــاهِي فلا أَحَــدٌ |
لكُــلِّ هَوْلٍ مِن الأهـوالِ مُقتَحَمِ | هُو الحبيبُ الــذي تُرجَى شـفاعَتُهُ |
مُستَمسِـكُونَ بِحبـلٍ غيرِ مُنفَصِـمِ | دَعَـا الى اللهِ فالمُسـتَمسِـكُون بِـهِ |
ولم يُـدَانُوهُ في عِلــمٍ ولا كَـرَمِ | فــاقَ النَّبيينَ في خَلْـقٍ وفي خُلُـقٍ |
غَرْفَا مِنَ البحرِ أو رَشفَاً مِنَ الدِّيَـمِ | وكُــلُّهُم مِن رسـولِ اللهِ مُلتَمِـسٌ |
مِن نُقطَةِ العلمِ أو مِن شَكْلَةِ الحِكَـمِ | وواقِفُـونَ لَدَيــهِ عنـدَ حَدِّهِــمِ |
ثم اصطفـاهُ حبيباً بارِيءُ النَّسَــمِ | فَهْوَ الـــذي تَمَّ معنــاهُ وصورَتُهُ |
فجَـوهَرُ الحُسـنِ فيه غيرُ منقَسِـمِ | مُنَـزَّهٌ عـن شـريكٍ في محاسِــنِهِ |
واحكُم بما شئتَ مَدحَاً فيه واحتَكِـمِ | دَع مــا ادَّعَتهُ النصارى في نَبِيِّهِـمِ |
وانسُب الى قَدْرِهِ ما شئتَ مِن عِظَـمِ | وانسُبْ الى ذاتِهِ ما شـئتَ مِن شَـرَفٍ |
حَـدٌّ فَيُعـرِبَ عنـهُ نــاطِقٌ بِفَمِ | فَــاِنَّ فَضلَ رســولِ اللهِ ليـس له |
أحيـا اسمُهُ حين يُـدعَى دارِسَ الرِّمَمِ | لو نـاسَـبَتْ قَـدْرَهُ آيـاتُهُ عِظَمَـاً |
حِرصَـاً علينـا فلم نرتَـبْ ولم نَهِمِ | لم يمتَحِنَّــا بمـا تَعيَــا العقولُ بـه |
في القُرْبِ والبُعـدِ فيه غـيرُ مُنفَحِمِ | أعيـا الورى فَهْمُ معنــاهُ فليسَ يُرَى |
صغيرةً وتُكِـلُّ الطَّـرْفَ مِن أَمَـمِ | كـالشمسِ تظهَرُ للعينَيْنِ مِن بُــعُدٍ |
قَــوْمٌ نِيَــامٌ تَسَلَّوا عنه بـالحُلُمِ | وكيفَ يُــدرِكُ في الدنيــا حقيقَتَهُ |
وأَنَّــهُ خيرُ خلْـقِ الله كُـــلِّهِمِ | فمَبْلَغُ العِــلمِ فيه أنــه بَشَــرٌ |
فــانمـا اتصَلَتْ مِن نورِهِ بِهِــمِ | وكُــلُّ آيٍ أتَى الرُّسْـلُ الكِـرَامُ بِهَا |
يُظهِرْنَ أنـوارَهَا للنــاسِ في الظُّلَمِ | فـاِنَّهُ شمـسُ فَضْلٍ هُـم كــواكِبُهَا |
بالحُسـنِ مشـتَمِلٌ بالبِشْـرِ مُتَّسِـمِ | أكــرِمْ بخَلْـقِ نبيٍّ زانَــهُ خُلُـقٌ |
والبحرِ في كَــرَمٍ والـدهرِ في هِمَمِ | كالزَّهرِ في تَرَفٍ والبـدرِ في شَـرَفٍ |
في عسـكَرٍ حينَ تلقاهُ وفي حَشَــمِ | كــأنَّهُ وهْـوَ فَرْدٌ مِن جلالَتِــهِ |
مِن مَعْــدِنَيْ مَنْطِـقٍ منه ومبتَسَـمِ | كـــأنَّمَا اللؤلُؤُ المَكنُونُ في صَدَفٍ |
طوبى لمُنتَشِـقٍ منـــه ومـلتَثِـمِ | لا طيبَ يَعــدِلُ تُرْبَـا ضَمَّ أعظُمَهُ |
يـــا طِيبَ مُبتَـدَاٍ منه ومُختَتَـمِ | أبــانَ مولِدُهُ عن طِيــبِ عنصُرِهِ |
قَــد أُنـذِرُوا بِحُلُولِ البُؤسِ والنِّقَمِ | يَــومٌ تَفَرَّسَ فيــه الفُرسُ أنَّهُـمُ |
كَشَـملِ أصحابِ كِسـرَى غيرَ مُلتَئِمِ | وبـاتَ اِيوَانُ كِسـرَى وَهْوَ مُنْصَدِعٌ |
عليه والنهرُ سـاهي العَيْنِ مِن سَـدَمِ | والنارُ خـامِدَةُ الأنفـاسِ مِن أَسَـفٍ |
وَرُدَّ وارِدُهَـا بــالغَيْظِ حينَ ظَـمِي | وسـاءَ سـاوَةَ أنْ غاضَتْ بُحَيرَتُهَـا |
حُزْنَـاً وبـالماءِ ما بـالنار مِن ضَـرَمِ | كــأَنَّ بالنـارِ ما بالمـاءِ مِن بَلَـلٍ |
والحـقُّ يظهَـرُ مِن معنىً ومِن كَـلِمِ | والجِنُّ تَهتِفُ والأنــوارُ ســاطِعَةٌ |
تُسمَعْ وبـــارِقَةُ الاِنذارِ لم تُشَـمِ | عَمُوا وصَمُّوا فــاِعلانُ البشـائِرِ لم |
بــأنَّ دينَـهُـمُ المُعـوَجَّ لم يَقُـمِ | مِن بعـدِ ما أخبَرَ الأقوامَ كــاهِنُهُم |
مُنقَضَّةٍ وَفـقَ مـا في الأرضِ مِن صَنَمِ | وبعـد ما عاينُوا في الأُفقِِ مِن شُـهُبٍ |
مِن الشـياطينِ يقفُو اِثْــرَ مُنهَـزِمِ | حتى غَــدا عن طـريقِ الوَحيِ مُنهَزِمٌ |
أو عَسكَرٌ بـالحَصَى مِن راحَتَيْـهِ رُمِي | كــأنَّهُم هَرَبَــا أبطــالُ أبْرَهَـةٍ |
نَبْـذَ المُسَبِّحِ مِن أحشــاءِ ملتَقِـمِ | نَبْذَا به بَعــدَ تسـبيحٍ بِبَـطنِهِمَــا |
تمشِـي اِليه على سـاقٍ بــلا قَدَمِ | جاءت لِــدَعوَتِهِ الأشـجارُ سـاجِدَةً |
فُرُوعُهَـا مِن بـديعِ الخَطِّ في الَّلـقَمِ | كــأنَّمَا سَـطَرَتْ سـطرا لِمَا كَتَبَتْ |
تَقِيـهِ حَرَّ وَطِيـسٍ للهَجِــيرِ حَمِي | مثلَ الغمــامَةِ أَنَّى سـارَ ســائِرَةً |
وكُــلُّ طَرْفٍ مِنَ الكفارِ عنه عَمِي | وما حوى الغـــارُ مِن خيرٍ ومِن كَرَمِ |
وهُم يقولون مـا بالغــارِ مِن أَرِمِ | فالصدقُ في الغــارِ والصدِّيقُ لم يَرِمَـا |
خــيرِ البَرِّيَّـةِ لم تَنسُـجْ ولم تَحُمِ | ظنُّوا الحمــامَةَ وظنُّوا العنكبوتَ على |
مِنَ الدُّرُوعِ وعن عــالٍ مِنَ الأُطُمِ | وِقَـــايَةُ اللهِ أغنَتْ عَن مُضَــاعَفَةٍ |
اِلا ونِــلتُ جِـوَارَاً منه لم يُـضَمِ | ما سـامَنِي الدَّهرُ ضيمَاً واسـتَجَرتُ بِهِ |
اِلا استَلَمتُ النَّدَى مِن خيرِ مُسـتَلَمِ | ولا التَمســتُ غِنَى الدَّارَيْنِ مِن يَـدِهِ |
قَلْبَاً اِذا نــامَتِ العينـانِ لم يَنَـمِ | لا تُنكِـــرِ الوَحْيَ مِن رُؤيَـاهُ اِنَّ لَهُ |
فليسَ يُنـكَرُ فيهِ حـالُ مُحتَلِــمِ | وذاكَ حينَ بُلُــوغٍ مِن نُبُوَّتِــــهِ |
ولا نــبيٌّ على غيــبٍ بمُتَّهَـمِ | تبــارَكَ اللهُ مــا وَحيٌ بمُكتَسَـبٍ |
وأطلَقَتْ أَرِبَــاً مِن رِبــقَةِ اللمَمِ | كَــم أبْرَأَتْ وَصِبَـاً باللمسِ راحَتُهُ |
حتى حَكَتْ غُرَّةً في الأَعصُرِ الدُّهُـمِ | وأَحْيت السَــنَةَ الشَّــهباءَ دَعوَتُهُ |
سَـيْبٌ مِنَ اليمِّ أو سَـيْلٌ مِنَ العَرِمِ | بعارِضٍ جادَ أو خِلْتَ البِطَـاحَ بهــا |
ظهُورَ نـارِ القِرَى ليـلا على عَـلَمِ | دَعنِي وَوَصفِيَ آيـــاتٍ له ظهَرَتْ |
وليس يَـنقُصُ قَــدرَاً غيرَ مُنتَظِمِ | فالــدُّرُ يزدادُ حُسـناً وَهْوَ مُنتَظِمُ |
مـا فيـه مِن كَرَمِ الأخلاقِ والشِّيَمِ | فمَــا تَطَـاوُلُ آمــالِ المدِيحِ الى |
قــديمَةٌ صِفَةُ الموصـوفِ بالقِـدَمِ | آيــاتُ حَقٍّ مِنَ الرحمنِ مُحدَثَــةٌ |
عَنِ المَعَـــادِ وعَن عـادٍ وعَن اِرَمِ | لم تَقتَرِن بزمـــانٍ وَهْيَ تُخبِرُنــا |
مِنَ النَّبيينَ اِذ جــاءَتْ ولَم تَـدُمِ | دامَتْ لدينـا ففاقَتْ كُــلَّ مُعجِزَةٍ |
لــذي شِـقَاقٍ وما تَبغِينَ مِن حِكَمِ | مُحَكَّـمَاتٌ فمــا تُبقِينَ مِن شُـبَهٍ |
أَعـدَى الأعـادِي اليها مُلقِيَ السَّلَمِ | ما حُورِبَت قَطُّ الا عــادَ مِن حَرَبٍ |
رَدَّ الغَيُورِ يَـدَ الجــانِي عَن الحُرَمِ | رَدَّتْ بلاغَتُهَــا دَعوى مُعارِضِهَـا |
وفَـوقَ جَوهَرِهِ في الحُسـنِ والقِيَمِ | لها مَعَــانٍ كَموْجِ البحرِ في مَـدَدٍ |
ولا تُسَـامُ على الاِكثــارِ بالسَّأَمِ | فَمَـا تُـعَدُّ ولا تُحـصَى عجائِبُهَـا |
لقـد ظَفِـرتَ بحَبْـلِ الله فـاعتَصِمِ | قَرَّتْ بَهـا عينُ قارِيها فقُلتُ لــه |
مِنَ العُصَاةِ وقَــد جاؤُوهُ كالحُمَـمِ | كــأنَّها الحوضُ تَبيَضُّ الوُجُوهُ بِـهِ |
فالقِسطُ مِن غيرِهَا في النـاسِ لم يَقُمِ | وكـالصِّراطِ وكـالميزانِ مَعدَلَــةً |
تجاهُلا وَهْـوَ عـينُ الحـاذِقِ الفَهِمِ | لا تَعجَبَنْ لِحَسُـودٍ راحَ يُنكِرُهَــا |
ويُنكِرُ الفَمَ طعمَ المـاءِ مِن سَــقَمِ | قد تُنكِرُ العينُ ضَوْءَ الشمسِ مِن رَمَدٍ |
سعيَــا وفَوقَ مُتُونِ الأَيْنُقِ الرُّسُـمِ | يـا خيرَ مَن يَمَّمَ العـافُونَ سـاحَتَهُ |
ومَن هُـوَ النِّعمَــةُ العُظمَى لِمُغتَنِمِ | ومَن هُــوَ الآيـةُ الكُبرَى لمُعتَبِـرٍ |
كما سَـرَى البَدرُ في داجٍ مِنَ الظُّلَمِ | سَرَيتَ مِن حَـرَمٍ ليــلا الى حَرَمِ |
مِن قابَ قوسَـيْنِ لم تُدرَكْ ولَم تُـرَمِ | وبِتَّ ترقَى الى أن نِلـتَ مَنزِلَــةً |
والرُّسْـلِ تقديمَ مخـدومٍ على خَـدَمِ | وقَـدَّمَتْكَ جميعُ الأنبيـاءِ بهـــا |
في مَوكِبٍ كُنتَ فيـه صاحِبَ العَـلَمِ | وأنتَ تَختَرِقُ الســبعَ الطِّبَاقَ بهم |
مِنَ الـــدُّنُوِّ ولا مَرقَىً لمُســتَنِمِ | حتى اذا لم تدَعْ شَــأْوَاً لمُســتَبِقٍ |
نُودِيتَ بالـرَّفعِ مثلَ المُفرَدِ العَــلَمِ | خَفَضْتَ كُــلَّ مَقَامٍ بالاضـافَةِ اِذ |
عَنِ العُيــون وسِـــرٍّ أيِّ مُكتَتِمِ | كيما تَفُوزَ بِوَصْــلٍ أيِّ مُســتَتِرِ |
وجُزْتَ كُــلَّ مَقَــامٍ غيرَ مُزدَحَمِ | فَحُزتَ كُــلَّ فَخَارٍ غيرَ مُشـتَرَكٍ |
وعَزَّ اِدراكُ مــا أُولِيتَ مِن نِعَــمِ | وجَـلَّ مِقـدَارُ مـا وُلِّيتَ مِن رُتَبٍ |
مِنَ العِنَايَـةِ رُكنَــاً غيرَ منهَــدِمِ | بُشـرَى لنا مَعشَـرَ الاسـلامِ اِنَّ لنا |
بـأكرمِ الرُّسْلِ كُنَّـا أكـرَمَ الأُمَـمِ | لمَّـا دَعَى اللهُ داعينــا لطــاعَتِهِ |
كَنَبـأَةٍ أَجْفَلَتْ غُفْــلا مِنَ الغَنَـمِ | راعَتْ قلوبَ العِـدَا أنبـــاءُ بِعثَتِهِ |
حتى حَكَوْا بالقَنَـا لَحمَا على وَضَـمِ | مـا زالَ يلقــاهُمُ في كُـلِّ مُعتَرَكٍ |
أشـلاءَ شـالَتْ مَعَ العُقبَـانِ والرَّخَمِ | وَدُّوا الفِرَارَ فكــادُوا يَغبِطُونَ بـه |
ما لم تَكُن مِن ليــالِي الأُشهُرِ الحُـرُمِ | تَمضِي الليـالي ولا يَدرُونَ عِدَّتَهَـا |
بكُــلِّ قَرْمٍ الى لَحمِ العِــدَا قَـرِمِ | كـأنَّمَا الدِّينُ ضَيْفٌ حَلَّ سـاحَتَهُم |
يـرمي بمَوجٍ من الأبطــالِ ملتَـطِمِ | يَجُـرُّ بحـرَ خميسٍ فَوقَ ســابِحَةٍ |
يَسـطُو بمُسـتَأصِلٍ للكُفرِ مُصطَـلِمِ | مِن كُــلِّ منـتَدِبٍ لله مُحتَسِـبٍ |
مِن بَعــدِ غُربَتِهَا موصولَةَ الرَّحِـمِ | حتى غَدَتْ مِلَّةُ الاسـلامِ وَهْيَ بهـم |
وخيرِ بَعـلٍ فــلم تَيْتَـمْ ولم تَئِـمِ | مَكفولَـةً أبـدَاً منهـم بِـخَيرِ أَبٍ |
مــاذا لَقِي منهم في كُـلِّ مُصطَدَمِ | هُمُ الجبـالُ فَسَـلْ عنهُم مُصَادِمَهُم |
|
فُصـولُ حَتْفٍ لَهم أدهى مِنَ الوَخَمِ | وَسَـلْ حُنَيْنَاً وَسَـلْ بَدْرَاً وَسَلْ أُحُدَا |
مِنَ العِــدَا كُلَّ مُسْوَدٍّ مِن الِّلمَـمِ | المُصدِرِي البِيضِ حُمرَاً بعد ما وَرَدَتْ |
أقــلامُهُمْ حَرْفَ جِسمٍ غيرَ مُنعَجِمِ | والكاتِبينَ بِسُــمرِ الخَطِّ ما تَرَكَتْ |
والوَرْدُ يمتـازُ بالسِّيمَى عَنِ السَّـلَمِ | شـاكِي السـلاحِ لهم سِيمَى تُمَيِّزُهُم |
فتَحسِبُ الزَّهرَ في الأكمامِ كُلَّ كَمِي | تُهدِي اليـكَ رياحُ النَّصرِ نَشْـرَهُمُ |
مِن شَـدَّةِ الحَزْمِ لا مِن شـدَّةِ الحُزُمِ | كــأنَّهُم في ظُهورِ الخَيْلِ نَبْتُ رُبَـاً |
فمـا تُـفَرِّقُ بين البَهْـمِ والبُهَـمِ | طارَتْ قلوبُ العِدَا مِن بأسِـهِم فَرَقَاً |
اِن تَلْقَهُ الأُسْـدُ في آجــامِهَا تَجِمِ | ومَن تَـكُن برسـولِ اللهِ نُصرَتُـهُ |
بِــهِ ولا مِن عَــدُوٍّ غيرَ مُنعَجِمِ | ولَن تَــرى مِن وَلِيٍّ غيرَ منتَصِـرٍ |
كالليْثِ حَلَّ مَعَ الأشـبالِ فِي أَجَمِ | أَحَــلَّ أُمَّتَـهُ في حِـرْزِ مِلَّتِــهِ |
فيه وكـم خَصَمَ البُرهانُ مِن خَصِمِ | كَـم جَدَّلَتْ كَـلِمَاتُ الله مِن جَدَلٍ |
في الجاهـليةِ والتــأديبَ في اليُتُمِ | كفــاكَ بـالعلمِ في الأُمِّيِّ مُعجَزَةً |
ذُنوبَ عُمْر مَضَى في الشِّعرِ والخِدَمِ | خَدَمْتُهُ بمديــحٍ أســتَقِيلِ بِـهِ |
كــأنني بِهِــمَا هَدْيٌ مِنَ النَّعَمِ | اِذ قَـلَّدَانِيَ ما تُخشَـى عـواقِبُـهُ |
حَصَلتُ الا على الآثـامِ والنَّـدَمِ | أَطَعتُ غَيَّ الصِّبَا في الحالَتَيْنِ ومــا |
لَم تَشتَرِ الدِّينَ بـالدنيا ولم تَسُـمِ | فيـا خَسَــارَةَ نَفْسٍ في تِجَارَتِهَـا |
بِينَ لـه الغَبْنُ في بَيْـعٍ وفي سَـلَمِ | ومَن يَبِــعْ آجِـلا منه بـعاجِلِـهِ |
مِنَ النَّبِيِّ ولا حَبـلِي بمُنصَـــرِمِ | اِنْ آتِ ذَنْبَـاً فمــا عَهدِي بمُنتَقِضٍ |
مُحمَّدَاً وهُوَ أوفَى الخلقِ بــالذِّمَمِ | فـــاِنَّ لي ذِمَّةً منــه بتَسـمِيَتِي |
فَضْلا والا فَقُــلْ يــا زَلَّةَ القَدَمِ | اِنْ لم يكُـن في مَعَـادِي آخِذَاً بِيَدِي |
أو يَرجِعَ الجــارُ منه غيرَ مُحـتَرَمِ | حاشــاهُ أنْ يَحْرِمَ الرَّاجِي مَكَارِمَهُ |
وجَدْتُـهُ لخَلاصِي خــيرَ مُلتَـزِمِ | ومُنذُ أَلزَمْتُ أفكَـــارِي مَدَائِحَهُ |
اِنَّ الحَيَـا يُنْبِتُ الأزهارَ في الأَكَـمِ | ولَن يَفُوتَ الغِنَى منه يَــدَاً تَرِبَتْ |
يَــدَا زُهَيْرٍ بمـا أثنَى على هَـرِمِ | ولَم أُرِدْ زَهرَةَ الدنيـا التي اقتَطَفَتْ |
سِـوَاكَ عِنـدَ حُلولِ الحادِثِ العَمِمِ | يــا أكرَمَ الخلقِ ما لي مَن ألوذُ به |
اذا الكريمُ تَجَلَّى بــاسمِ مُنتَقِـمِ | ولَن يَضِيقَ رسـولَ اللهِ جاهُكَ بي |
اِنَّ الكَبَـائِرَ في الغُفرَانِ كـالَّلمَـمِ | يا نَفْـسُ لا تَقنَطِي مِن زَلَّةٍ عَظُمَتْ |
تَأتِي على حَسَبِ العِصيَانِ في القِسَمِ | لعَـلَّ رَحمَةَ رَبِّي حينَ يَقسِــمُهَا |
لَدَيْـكَ واجعلْ حِسَابِي غيرَ مُنخَرِمِ | يا رَبِّ واجعَلْ رجائِي غيرَ مُنعَكِسٍ |
صَبرَاً مَتَى تَـدعُهُ الأهـوالُ ينهَزِمِ | والطُفْ بعَبدِكَ في الدَّارَينِ اِنَّ لَـهُ |
عـلى النبِيِّ بِمُنْهَــلٍّ ومُنسَـجِم | وائذَنْ لِسُحْبِ صلاةٍ منك دائِمَةٍ |
وأَطرَبَ العِيسَ حادِي العِيسِ بالنَّغَمِ | ما رَنَّحَتْ عَذَبَاتِ البَانِ رَيحُ صَبَـا |
وعَن عَلِيٍّ وعَن عثمـانَ ذِي الكَرَمِ | ثُمَّ الرِّضَـا عَن أبي بَكرٍ وعَن عُمَرَ |
أهلُ التُّقَى والنَّقَى والحِلْمِ والكَـرَمِ | والآلِ والصَّحبِ ثُمَّ التَّابِعِينَ فَهُـمْ |