20 Juillet 2013
روى عبد الرحمن بن غنم قال: كتبنا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى أهل الشام: بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا، إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا وذرارينا وأموالنا وأهل ملتنا، وشرطنا لكم على أنفسنا أن لا نحدث في مدائننا ولا فيما حولها ديراً ولا كنيسة ولا قلية ولا صومعة راهب، ولا نجدد ما خرب منها ولا ما كان مختطاً منها في خطط المسلمين في ليل ولا نهار، وأن نوسع أبوابها للمارة وابن السبيل، وأن ننزل من مر بنا من المسلمين ثلاث ليال نطعمهم، ولا نأوي في كنائسنا ولا في منازلنا جاسوساً ولا نكتمه عن المسلمين، ولا نعلم أولادنا القرآن ولا نظهر شرعنا ولا ندعو إليه أحداً، ولا نمنع أحداً من ذوي قراباتنا الدخول في الإسلام إن أراده، وأن نوقر المسلمين ونقوم لهم من مجالسنا إذا أرادوا الجلوس، ولا نتشبه بهم في شيء من لباسهم في قلنسوة ولا عمامة ولا نعلين ولا فرق شعر، ولا نتكلم بكلامهم ولا نتكنى بكناهم ولا نركب بالسروج، ولا نتقلد بالسيوف ولا نتخذ شيئاً من السلاح ولا نحمله معنا، ولا ننقش على خواتمنا بالعربية ولا نبيع الخمور، وأن نجز مقادم رؤوسنا ونلزم زينا حيثما كنا، وأن نشد الزنانير على أوساطنا ولا نظهر صلباننا، وكتبنا في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نضرب نواقيسنا في كنائسنا إلا ضرباً خفيفاً ولا نرفع أصواتنا بالقراءة في كنائسنا في حضرة المسلمين، ولا نرفع أصواتنا مع موتانا ولا نظهر النيران في شيء من طرق المسلمين ولا أسواقهم، ولا نجاوزهم بموتانا ولا نتخذ من الرقيق ما جرى عليه سهام المسلمين ولا نطلع على منازلهم
فلما أتيت عمر رضي الله عنه بالكتاب زاد فيه: ولا نضرب أحداً من المسلمين، شرطنا ذلك على أنفسنا وأهل ملتنا وقبلنا عليه الأمان، فإن نحن خالفنا في شيء مما شرطنا لكم وضمناه على أنفسنا فلا ذمة لنا، وقد حل منا ما يحل من أهل المعاندة والشقاق. فكتب عمر رضي الله عنه أن أمض ما سألوه، وألحق فيه حرفين واشترطهما عليهم مع ما شرطوه على أنفسهم أن لا يشتروا شيئاً من سبايا المسلمين، ومن ضرب مسلماً عمداً فقد خلع عهده. وروى نافع عن أسلم مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب إلى أهل الشام في النصارى: أن يقطع ركابهم وأن يركبوا على الأكف وأن يركبوا في شق، وأن يلبسوا خلاف زي لباس المسلمين ليعرفوا
وروي أن بني ثعلبة دخلوا على عمر بن عبد العزيز فقالوا: يا أمير المؤمنين إنا قوم من العرب افرض لنا. قال: نصارى? قالوا: نصارى. قال: ادعوا إلي حجاماً ففعلوا فجز من نواصيهم وشق من أرديتهم حزماً يحتزمونها، وأمرهم أن لا يركبوا بالسروج ويركبون الأكف من شق واحد. وروي أن أمير المؤمنين المتوكل أقصى اليهود والنصارى ولم يستعملهم وأذلهم وأقصاهم، وخالف بين زيهم وزي المسلمين وجعل على أبوابهم مثالاً للشياطين لأنهم أقرب لذلك وهم أهله، وقرب منه أهل الحق وباعد عنه أهل الباطل والأهواء، فاحي الله به الحق وأمات به الباطل، فهو يذكر بذلك فيترحم عليه ما دامت الدنيا. وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا تستعملوا اليهود ولا النصارى، فإنهم أهل رشا في دينهم ولا يحل الرشا
ولما استقدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه أبا موسى الأشعري من البصرة وكان عاملاً عليها للحساب، دخل على عمر وهو في المسجد فاستأذن لكاتبه وكان نصرانياً فقال له عمر رضي الله عنه: قاتلك الله! وضرب بيده على فخذه، وليت ذمياً على المسلمين أما سمعت الله تعالى يقول: " يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم?" المائدة: 51 ألا اتخذت حنيفاً? قال: يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه. فقال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله ولا أعزهم إذ أذلهم الله ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله. وكتب بعض العمال إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن العدد قد كثر وإن الجزية قد كثرت، أفنستعين بالأعاجم? فكتب إليه عمر: إنهم أعداء الله وإنهم لنا غششة فأنزلوهم حيث أنزلهم الله ولا تؤدوا إليهم شيئاً
وقال عمر بن أسد: أتانا كتاب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى محمد بن المنتشر: أما بعد فإنه بلغني أن في عملك رجلاً يقال له حسان بن بردا على غير دين الإسلام، والله تعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزواً ولعباً من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء واتقوا الله إن كنتم مؤمنين" المائدة: 57 فإذا أتاك كتابي هذا فادع حسان إلى الإسلام فإن أسلم فهو منا ونحن منه وإن أبى فلا تستعن به ولا تأخذ من غير أهل الإسلام على شيء من أعمال المسلمين، فقرأ الكتاب عليه فأسلم.
ولما خرج النبي إلى بدر تبعه رجل من المشركين فلحقه عند الحرة فقال: إني أريد أن أتبعك وأصيب معك. قال: أتؤمن بالله ورسوله? قال: لا. قال: فارجع فلن نستعين بمشرك. ثم لحقه عند الشجرة ففرح به أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت له قوة وجلادة، قال: جئتك لأتبعك وأصيب معك. قال: أتؤمن بالله ورسوله? قال: لا قال: ارجع فلن أستعين بمشرك. ثم لحقه على ظهر البيداء فقال له مثل ذلك قال: أتؤمن بالله ورسوله? قال: نعم. قال: ففرح به. وهذا أصل عظيم في أن لا يستعان بكافر. هذا وقد خرج ليقاتل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ويراق دمه، فكيف استعمالهم على رقاب المسلمين? وكتب عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه إلى عماله: أن لا تولوا على أعمالنا إلا أهل القرآن. فكتبوا إليه: إنا وجدنا فيهم خيانة. فكتب إليهم: إن لم يكن في أهل القرآن خير، فأجدر أن لا يكون في غيرهم خير
ومتى نقض الذمي العهد بمخالفته لشيء من الشروط المأخوذة عليه، لا يرد إلى مأمنه والإمام فيه بالخيار بين القتل والإسترقاق. وقال أصحاب الشافعي رضي الله عنه
ويلزمهم أن يتميزوا عن المسلمين في اللباس، وإن لبسوا قلانس ميزوها عن قلانس المسلمين بالخرق، ويشدون الزنانير في أوساطهم ويكون في رقابهم خاتم من رصاص أو نحاس أو جرس يدخلون به الحمام، وليس لهم أن يلبسوا العمائم والطيلسان. وأما المرأة فإنها تشد الزنار تحت الإزار وقيل فوقه، وهو أولى، ويكون في عنقها خاتم تدخل به الحمام ويكون أحد خفيها أسود والآخر أبيض، ولا يركبون الخيل ويركبون البغال والحمير بالأكف عرضاً، ولا يركبون بالسروج
ولا يصدرون في المجالس ولا يبدءون بالسلام ويلجئون إلى أضيق الطرق ويمنعون أن يعلوا على المسلمين في البناء، وتجوز المساواة وقيل لا تجوز بل يمنعون، وإن تملكوا داراً عالية أقروا عليها، ويمنعون من إظهار المنكر والخمر والخنزير والناقوس والجهر بالتوراة والإنجيل، ويمنعون من المقام في الحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة. ويجعل الإمام على كل طائفة منهم رجلاً يكتب أسماءهم وحلاهم ويستوفي جميع ما يؤخذون به جميع الشروط، وإن امتنعوا من إداء الجزية والتزام أحكام الملة انتقض عهدهم. وإن زنا أحدهم بمسلمة أو أصابها بنكاح أو آوى عيناً للكفار ودل على عورة المسلمين، أو فتن مسلماً عن دينه أو قتله أو قطع عليه الطريق أو ذكر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم بما لا يجوز قيل: ينتقض العهد وإن فعل ما يمنع منه مما لا ضرورة فيه كترك الغيار وإظهار الخمر وما أشبهما عزر عليه، ومتى فعل ما لا يوجب نقض العهد رد إلى مأمنه في أحد القولين وقتل في الحين في القول الآخر
وفي تقدير الجزية اختلاف بين العلماء فقيل: إنها مقدرة الأقل والأكثر على ما كتب به عمر رضي الله عنه إلى عثمان بن حنيف بالكوفة، فوضع على الغني ثمانية وأربعين درهماً وعلى من دونه أربعة وعشرين درهماً، وعلى من دونه اثنا عشر درهماً، وذلك بمحضر من الصحابة رصي الله عنهم، ولم يخالفه أحد وكان الصرف اثني عشر درهماً بدينار. وهذا مذهب أبي حنيفة وابن حنبل رضي الله عنهما، وأحد قولي الشافعي رضي الله عنه وجعلوه كأنه حكم إمام فلا ينقض وقيل: إنها مردودة إلى الأمام في الزيادة والنقصان وهو الأقيس، وقيل: إنها مقدرة الأقل دون الأكثر. فيجوز للإمام أن يزيد على ما قدره عمر رضي الله عنه، ولا يجوز أن ينقص عنه
وقال بعضهم: يجوز أن يساوي بينهم فيأخذ من كل واحد ديناراً وقال مالك رضي الله عنه: يؤخذ من الموسر أربعون درهماً، ومن الفقير دينار أو عشرة دراهم. ويتخرج على مذهب مالك رضي الله عنه في وجوب تقدير طرفيها قولان، بناء على العشرة المأخوذة منهم هل هو تقدير شرعي لا تجوز فيه الزيادة والنقصان، وعن مالك فيه روايتان. ولا جزية على النساء والمماليك والصبيان والمجانين
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عبد الحميد بن عبد الرحمن: سلام عليك. أما بعد فإن أهل الكوفة قد أصابهم بلاء وشدة وجور من العمال واستسنت سنة سنها عليهم عمال السوء فأحرز عليهم أرضهم ولا تحمل خراباً على عامر ولا عامراً على خراب، ولا تأخذ من الخراب ما لا يطيقون ولا من العامر إلا وظيفة الخراج، ولا وزن سبعة ليس لها أس، ولا أجور الضرابين ولا أداة فضة ولا هدية النوروز والمهرجان، ولا ثمن المصحف ولا أجور البيوت، ولا دراهم النكاح ولا خراج على من أسلم من أهل الأرض والواجب أن يؤخذ ما ضربه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهو من كل جريب كرم عشرة دراهم، ومن كل جريب نخل ثمانية دراهم، ومن كل جريب رطبة أو شجر ستة دراهم، ومن كل جريب حنطة أربعة دراهم، ومن كل جريب شعير درهمان
وأما الكنائس فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر بهدم كل كنيسة لم تكن قبل الإسلام، ومنع أن تحدث كنيسة وأمر أن لا يظهر علية خارجة من كنيسة ولا يظهر صليب خارج من كنية إلا كسر على رأس صاحبه، وكان عروة بن محمد يهدمها بصنعاء، وهذا مذهب علماء المسلمين أجمعين، وشدد في ذلك عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فأمر أن لا يترك في دار الإسلام بيعة ولا كنيسة بحال قديمة ولا حديثة، وهكذا قال الحسن البصري قال: من السنة أن تهدم الكنائس التي في الأمصار القديمة والحديثة، ويمنع أهل الذمة من بناء ما خرب، وقال الأصطخري
إن طينوا ظاهر الحائط منعوا، وإن طينوا باطنه الذي يليهم لم يمنعوا، ويمنعون أن يعلوا على المسلمين في البناء، وتجوز المساواة وقيل لا تجوز