Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Histoire du Maghreb تاريخ المغرب الكبير

تقسيم العمل ونظرية القيمة في الفكر الخلدوني

يرى إبن خلدون أن مرجعية المردودية في التقييم الإقتصادي يخضع لعامل توزيع العمل بين الأفراد، فكلما كان هذا التوزيع متسعا وشاملا إلا وارتفع المردود والإنتاج، ويقسم العمل إلى العمل العادي والعمل المتخصص، ويؤدي تراكم العمل إلى الزيادة في قيمة المواد وإلى فائض إقتصادي. تقسيم العمل عند إبن خلدون يقوم على تقسيم عمراني، فهناك عمران بدوي وعمران حضري لكل منهما خصوصياته الإنتاجية ووسائل العمل ورأسمال مملوك بطريقة فردية أو جماعية. فالعمران البدوي يختص بالزراعة والتربية الحيوانية ومن خصوصيات هذا النمط الإقتصادي الرعي في مجالات تخضع لعامل المناخ والمسموح به سياسيا وقبليا، أو على العكس الإستقرار في مجال محدد للزراعة وتربية الحيوانات، لذا فالملكية مجالية بحكم القبيلة والغلبة السياسية والتقليد الفصولي عبر مجالات الرعي. العمران الحضري ينبني على إقتصاد التجارة والصناعة، فيكون بذلك قد حدد في التعامل التبادلي السلعي من جهة والتحويل من الخام إلى المصنع في مجال تتحكم فيه القيمة التبادلية نقديا أو عينيا، ويقول كارل ماركس وانجلز في هذا الباب "إن تقسيم العمل داخل أمة من الأمم يقضي أولا إلى انفصال العمل الصناعي والتجاري من جهة والعمل الزراعي من جهة أخرى، وبالتالي إلى انفصال المدينة والريف". لقد حدد إبن خلدون دور تقسيم العمل وأهميته ودوره الفعال في مختلف العصور الحضارية، فالإقتصاد بمعناه الواسع جزء من التاريخ، وركيزة أساسية لفهم العمران البشري الذي من أولوياته تقسيم العمل والمجال والتخصص والملكية قبل أن يكون عاملا لبناء الدول، لأن المشروع السياسي يبقى نتيجة لما تسفر عنه تقلبات المعيش والكسب الفردي والجماعي، فهو كسب ومعاش داخلي وقطاعي، ففي الفلاحة، التي هي أولى المراحل الإقتصادية للشعوب، يحددها إبن خلدون في بساطتها، وإمكانية مزاولتها بنوع  من العفوية التجريبية لارتباطها بالطبيعة التي تتحكم في المردود وكمية الإنتاج، وبالمقابل الصناعة إعتبرها أعلى درجة لكونها قطاعا معقدا، إذ يحتاج إلى عملية تحويلية وتركيبية تتطلب التحكم في المادة ووسائل تحويلها والتقنيات المستعملة في ذلك، وحاجة المجتمع المتحضر للمنتوج الصناعي، لذا فالصناعة عند إبن خلدون توجد في مناطق التحضر والتمدن، لحاجة الناس إليها، ثم تأتي التجارة في الدرجة الثالثة، فهي ضرورية للقيام بالمبادلات، فقيمتها الإجتماعية حسب إبن خلدون هامة وتواصلية لكنها تبقى مصدر حيل ومراوغات، ولا تتطور الا بارتباطها بالتجارة البعيدة، لكون الأخيرة مصدر ربح هائل يسمح بتكوين طبقة التجار الكبار وتكفل بحوالة السوق
الملاحظ أن إبن خلدون في تقسيمه للعمل يدخل عنصر الوفرة الإنتاجية الضرورية والكمالية، فوفرة الإنتاج قيمة مهمة في إنخفاظ الأسعار في المواد الضرورية، في حين أن أسعار المواد الكمالية تبقى مرتفعة، على إعتبار أن قاعدة كلفة الإنتاج والعرض والطلب قواعد تحدد السعر، ولم يغفل إبن خلدون أن المنفعة المعيشية والحياتية للسلعة هي التي تحدد الطلب والسعر، بمعنى نظرة الإنسان إلى السلعة من منظور حاجته الضرورية لها
العمل عنصر هام في نفقة الإنتاج في رأي إبن خلدون، في المقدمة يقول: "فلا بد من الأعمال الانسانية في كل مكسوب ومتمول لأنه إن كان عملا بنفسه مثل الصنائع فظاهر وإن كان مقتنى من الحيوان والنبات والمعدن فلا بد فيه من العمل الانساني كما تراه والا لم يحصل ولم يقع به انتفاع" إذن فالعمل المبذول يحدد قيمة المنتوج، والقيمة النفعية لكل إنجاز يتم في الفلاحة أو الصناعة
يعتبر إبن خلدون عنصر الإقتصاد مهم في دراسة الوقائع التاريخية، فلذا خصص حيزا وافرا  لمسائل الإقتصاد في المقدمة كمستوى المعيشة، والأسعار، وعلاقة العمران بوسائل العيش، وقيمة الإنتاج والعمل في القطاعات الإقتصادية، مبرزا العلاقة القوية التي تربط الحياة الإجتماعية بالحياة الإقتصادية فهو يقول: "اعلم أن اختلاف الأجيال في أحوالهم إنما هو باختلاف نحلتهم من المعاش، فان اجتماعهم انما هو للتعاون على تحصيله
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :