Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Histoire du Maghreb تاريخ المغرب الكبير

رسالة محمد بن عبد الله للخليفة في مرحلة الصراع السياسي الداخلي


قال: وحدثني محمد بن يحيى، قال: نسخت هذه الرسائل من محمد ابن بشير؛ وكان بشير ييصححها؛ وحدثنيها أبو عبد الرحمن من كتاب أهل العراق والحكم بن صدقة بن نزار، وسمعت ابن أبي حرب يصححها؛ ويزعم أن رسالة محمد لما وردت على أبي جعفر، قال أبو أيوب: دعني أجبه عليها، فقال أبو جعفر: لا بل أنا أجيبه عنها؛ إذ تقارعنا على الأحساب فدعني وإياه.
قالوا: لما بلغ أبا جعفر المنصور ظهور محمد بن عبد الله المدينة كتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله عبد الله أمير المؤمنين، إلى محمد بن عبد الله: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم " ولك علي عهد الله وميثاقه وذمته وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم إن تبت ورجعت من قبل أن أقدر عليك أن أؤمنك وجميع ولدك وإخوتك وأهل بيتك ومن اتبعكم على دمائكم وأموالكم، وأسوغك ما أصبت من دم أو مال، وأعطيك ألف ألف درهم، وما سألت من الحوائج، وأنزلك من البلاد حيث شئت، وأن أطلق من في حبسي من أهل بيتك، وأن أؤمن كل من جاءك وبايعك واتبعك، أو دخل معك في شيء من أمرك، ثم لا أتبع أحدا منهم بشيء كان منه أبدا. فإن أردت أن تتوثق لنفسك، فوجه إلي من أحببت يأخذ لك من الأمان والعهد والميثاق ما تثق به.
وكتب على العنوان: من عبد الله عبد الله أمير المؤمنين إلى محمد بن عبد الله.
فكتب إليه محمد بن عبد الله:
 

بسم الله الرحمن الرحيم. من عبد الله المهدي محمد بن عبد الله إلى عبد الله بن محمد: " طسم تلك آيات الكتاب المبين نتلو عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم إنه كان من المفسدين ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون " . وأنا أعرض عليك من الأمان مثل الذي عرضت علي، فإن الحق حقنا؛ وإنما ادعيتم هذا الأمر بنا، وخرجتم له بشيعتنا، وحظيتم بفضلنا؛ وإن أبانا عليا كان الوصي وكان الإمام؛ فكيف ورثتم ولايته وولده أحياء! ثم قد علمت أنه لم يطلب هذا الأمر أحد له مثل نسبنا وشرفنا وحالنا وشرف آبائنا؛ لسنا من أبناء اللعناء ولا الطرداء ولا الطلقاء، وليس يمت أحد من بني هاشم بمثل الذي نمت به من القرابة والسابقة والفضل؛ وإنا بنو أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت عمرو في الجاهلية ونبو بنته فاطمة في الإسلام دونك. إن الله اختارنا واختار لنا؛ فوالدنا من النبيين محمد صلى الله عليه وسلم، ومن السلف أولهم إسلاما علي، ومن الأزواج أفضلهن خديجة الطاهرة، وأول من صلى القبلة، ومن البنات خيرهن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، ومن المولودين في الإسلام حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة؛ وإن هاشما ولد عليا مرتين؛ وإن عبد المطلب ولد حسنا مرتين وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدني مرتين من قبل حسن وحسين؛ وإني أوسط بني هاشم نسبا، وأصرحهم أبان لم تعرق في العجم، ولم تنازع في أمهات الأولاد؛ فما زال الله يختار لي الآباء والأمهات في الجاهلية والإسلام حتى اختار لي في النار؛ فأنا ابن أرفع الناس درجة في الجنة، وأهونهم عذابا في النار، وأنا ابن خير الأخيار، وابن خير الأشرار، وابن خير أهل الجنة وابن خير أهل النار. ولك الله علي إن دخلت في طاعتي، وأجبت دعوتي أن أؤمنك على نفسك ومالك؛ وعلى كل أمر أحدثته؛ إلا حدا من حدود الله أو حقا لمسلم أو معاهد؛ فقد علمت ما يلزمك من ذلك، وأنا أولى بالأمر منك وأوفى بالعهد؛ لأنك أعطيتني من العهد والأمان ما أعطيته رجالا قبلي؛ فأي الأمانات تعطيني! أمان ابن هبيرة، أم أمان عمك عبد الله بن علي، أم أمان أبي مسلم! فكتب إليه أبو جعفر: بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد، فقد بلغني كلامك، وقرأت كتابك، فإذا جل فخرك بقرابة النساء؛ لتضل به الجفاة والغوغاء؛ ولم يجعل الله النساء كالعمومة والآباء، ولا كالعصبة والأولياء؛ لأن الله جعل العم أبا، وبدأ به في كتابه على الوالدة الدنيا. ولو كان اختيار الله لهن على قدر قرابتهن كانت آمنة أقربهن رحما، وأعظمهن حقا؛ وأول من يدخل الجنة غدا؛ ولكن اختيار الله لخلقه على علمه لما مضى منهم، واصطفائه لهم.
وأما ما ذكرت من فاطمة أم أبي طالب وولادتها؛ فإن الله لم يرزق أحدا من ولدها الإسلام لا بنتا ولا ابنا؛ ولو أن أحدا رزق الإسلام بالقرابة رزقه عبد الله أولاهم بكل خير في الدنيا والآخرة؛ وكلن الأمر لله يختار لدينه من يشاء؛ قال: الله عز وجل: " إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين " ؛ ولقد بعث الله محمدا عليه السلام وله عمومة أربعة، فأنزل الله عز وجل: " وأنذر عشيرتك الأقربين " . فأنذرهم ودعاهم، فأجاب اثنان أحدهما أبي، وأبى اثنان أحدهما أبوك؛ فقطع الله ولايتهما منه؛ ولم يجعل بينه وبينهما إلا ولا ذزة ولا ميراثا. وزعمت أنك ابن أخف أهل النار عذابا وابن خير الأشرار؛ وليس في الكفر بالله صغير، ولا في عذاب الله خفيف ولا يسير؛ وليس في الشر خيار؛ ولا ينبغي لمؤمن يؤمن بالله أن يفخر بالنار، وسترد فتعلم: " وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " .
وأما ما فخرت به من فاطمة أم علي وأن هاشما ولده مرتين، ومن فاطمة أم حسن، وأن عبد المطلب ولده مرتين؛ وأن النبي صلى الله عليه وسلم ولدك مرتين؛ فخير الأولين والآخرين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يلده هاشم إلا مرة ولا عبد المطلب إلا مرة. 

وزعمت أنك أوسط بني هاشم نسبا، وأصرحهم أما وأبا؛ وأنه لم تلدك العجم ولم تعرق فيك أمهات الأولاد؛ فقد رأيتك فخرت على بني هاشم طرا؛ فانظر ويحك أين أنت من الله غدا! فإنك قد تعديت طورك، وفخرت على من هو خير منك نفسا وأبا وأولا وآخرا، إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى والد ولده؛ وما خيار بني أبيك خاصة وأهل الفضل منهم إلا بنو أمهات أولاد، وما ولد فيكم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من علي ابن حسين؛ وهو لأم ولد؛ ولهو خير من جدك حسن بن حسن؛ وما كان فيكم بعده مثل ابنه محمد بن علي، وجدته أم ولد؛ ولهو خير من أبيك، ولا مثل ابنه جعفر وجدته أم ولد؛ ولهو خير منك.
وأما قولك: إنكم بنو رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإن الله تعالى يقول في كتابه: " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم " ، ولكنكم بنو ابنته؛ وإنها لقرابة قريبة؛ ولكنها لا تحوز الميراث، ولا ترث الولاية، ولا تجوز لها الإمامة؛ فكيف تورث بها! ولقد طلبها أبوك بكل وجه فأخرجها نهارا، ومرضها سرا، ودفنها ليلا؛ فأبى الناس إلا الشيخين وتفضيلهما؛ ولقد جاءت السنة التي لا اختلاف فيها بين المسلمين أن الجد أبا الأم والخال والخالة لا يرثون.
وأما ما فخرت به من علي وسابقته، فقد حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة، فأمر غيره بالصلاة، ثم أخذ الناس رجلا بعد رجل فلم يأخذوه؛ وكان في الستة فتركوه كلهم دفعا له عنها، ولم يروا له حقا فيها؛ أما عبد الرحمن فقدم عليه عثمان، وقتل عثمان وهو له متهم، وقاتله طلحة والزبير، وأبى سعد بيعته، وأغلق دونه بابه، ثم بايع معاوية بعده. ثم طلبها بكل وجه وقاتل عليها، وتفرق عنه أصحابه، وشك فيه شيعته قبل الحكومة، ثم حكم حكمين رضي بهما، وأعطاهما عهده وميثاقه، فاجتمعا على خلعه. ثم كان حسن فباعها من معاوية بخرق ودراهم ولحق بالحجاز؛ وأسلم شيعته بيد معاوية ودفع الأمر إلى غير أهله؛ وأخذ مالا من غير ولائه ولا حله؛ فإن كان لكم فيها شيء فقد بعتموه وأخذتم ثمنه. ثم خرج عمك حسين بن علي على ابن مرجانة، فكان الناس معه عليه حتى قتلوه، وأتوا برأسه إليه، ثم خرجتم على بني أمية، فقتلوكم وصلبوكم على جذوع النخل، وأحرقوكم بالنيران، ونفوكم من البلدان؛ حتى قتل يحيى بن زيد بخراسان؛ وقتلوا رجالكم وأسروا الصبية والنساء، وحملوهم بلا وطاء في المحافل كالسبي المجلوب إلى الشأم؛ حتى خرجنا عليهم فطلبنا بثأركم، وأدركنا بدمائكم وأورثناكم أرضهم وديارهم، وسنينا سلفكم وفضلناه، فاتخذت ذلك علينا حجة.
وظننت أنا إنما ذكرنا أباك وفضلناه للتقدمة منا له على حمزة والعباس وجعفر؛ وليس ذلك كما ظننت؛ ولكن خرج هؤلاء من الدنيا سالمين، متسلما منهم، مجتمعا عليهم بالفضل، وابتلي أبوك بالقتال والحرب؛ وكانت بنو أمية تلعنه كما تلعن الكفرة في الصلاة المكتوبة، فاحتجبنا له، وذكرناهم فضله، وعنفناهم وظلمناهم بما نالوا منه. ولقد علمت أن مكرمتنا في الجاهلية سقاية الحجيج الأعظم، وولاية زمزم؛ فصارت للعباس من بين إخوته؛ فنازعنا فيها أبوك، فقضى لنا عليه عمر، فلم نزل نليها في الجاهلية والإسلام؛ ولقد قحط أهل المدينة فلم يتوسل عمر إلى ربه ولم يتقرب إليه إلا بأبينا، حتى نعشهم الله وسقاهم الغيث، وأبوك حاضر لم يتوسل به؛ ولقد علمت أنه لم يبق أحد من بني عبد المطلب بعد النبي صلى الله عليه وسلم غيره؛ فكان وراثه من عمومته، ثم طلب هذا الأمر غير واحد من بني هاشم فلم ينله إلا ولده؛ فالسقاية سقايته وميراث النبي له، والخلافة في ولده، فلم يبق شرف ولا فضل في جاهلية ولا إسلام في دنيا ولا آخرة إلا والعباس وارثه ومورثه.
وأما ما ذكرت من بدر؛ فإن الإسلام جاء والعباس يمون أبا طالب وعياله، وينفق عليهم للأزمة التي أصابته؛ ولولا أن العباس أخرج إلى بدر كارها لمات طالب وعقيل جوعا، وللحساجفان عتبة وشيبة؛ ولكنه كان عقيلا يوم بدر؛ فكيف تفخر علينا وقد علناكم في الكفر، وفديناكم من الأسر، وحزنا عليكم مكارم الآباء، وورثنا دونكم خاتم الأنبياء، وطلبنا بثأركم فأدركنا منه ما عجزتم عنه؛ ولم تدركوا لأنفسكم! والسلام عليك ورحمة الله.

 

  تاريخ الرسل والملوك للمؤرخ الطبري

Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :