نص حول اجتماع فقراء المغرب الأقصى وعاداتهم من أنس الفقير وعز الحقير
25 Octobre 2008
Rédigé par Abdelkader HADOUCH عبد القادر حادوش et publié depuis
Overblog
ولقد حضرت مع جملة من هذه الطوائف مواطن عدة منها زمان اجتماع فقراء المغرب الأقصى، على
ساحل البحر المحيط، جوف إقليم دكالة بين بلد آسفي وبلد تيطنفطر، ومعنى هذا الإسم: عين باردة، زمان قضائي بدكالة. وهي أرض مستوية طولها مسيرة أربعة أيام وكذلك عرضها. ووجدت فيها خمسة وعشرين مدرسا. وبلغت
أزواج حراثتها، زمان ورودي عليها، عشرة آلاف وبعض حيوان فيها من انسان وغيره زائد على مثله في قدره. وليس بها نهر ولا عين الا آبار طيبة دخلها أبو بكر بن العربي، رضي الله عنه، بعد رجوعه من العراق وعجب
من قلة مائها وكثرة خيرها. وقال:" رأيتها أنبتت ثاني يوم المطر. وكان الاجتماع في شهر ربيع الأول المبارك الأسعد الأنور، سنة تسع وستين وسبعمائة. وحضر من لا يحصى عدده من الفضلاء. ولقيت هناك من أخيارهم
وعلمائهم وصلحائهم ما شردت به عيني بسبب كثرتهم. ومما يدل على نهاية كثرتهم. أن بعض أصحابنا الدكاليين الراغبين في الدعاء اشترى لهم بثلاثين دينارا ذهبا عنبا وحده من جنة رجل ولم يكفهم لكثرتهم؛ وسألت
يومئذ عن قيمة العنب فقيل لي:" قفة بدرهم كبير." وهو ثلث الدرهم الجديد التونسي. ووردت عليهم أصحاب العلل المزمنة كالمقعدين وغيرهم. ورأيتهم يتزاحمون في حلق الذكر، والمريض يتضرع ويرغب في صلاح جسده
كأنه يطلب قوته؛ فيقوم من يأخذ بيد المريض ويصرفه وقد رجعت اليه صحته. ومنهم من يضربه بطرف كسائه فيقوم كأنه حل من عقال؛ ثم يختلط الرجل الذي يفعل ذلك بالقوم ولا يعرف شخصه. وهذا كنت أسمعه حتى رأيته،
والله، عيانا. ورأيت ولدا قريب الحلم سيق الى حلقة الذكر وفي ركبتيه تشنج يابس جدا رق عظمه منه ولا يستطيع مد ساقيه معه. فقام اليه رجل رقيق أصفر اللون؛ فسمعت آخر خلفي يقول له:" ليست هذه قوتك." ينكر
عليه مبادرته للقيام وكونه لم يترك ذلك لمن هو أفضل منه. فنظر اليه. وسكت عنه، وأتى الى الصبي، وأنا أرقبه ومسح بيديه على ركبتيه ومد له ساقيه فامتدا وخفف الله عنه وفرح الولد وضحك لقوة سروره بصحته الا
أنه لم يكمل برؤه وصدق قول من عارضه. ولا أدري عاقبة الولد. ورأيت في ذلك المجمع العظيم والمشهد الجسيم غرائب وعجائب لا يرى مثلها أبدا لتغيير الأحوال بعد ذلك
وهنالك لقيت الشيخ أبا الحسن بن يوسف الصنهاجي من آيت محجوب. ولي فخر عظيم بلقائه واغتنامي لبركته ودعائه. وكان ضخم البدن جدا ولا تكف له دمعة. اذا سمع آية من كتاب الله عز وجل أو حديثا من حديث النبي،
صلى الله عليه وسلم، أو بيتا من شعر أو كلمة صوفية، وضع كفيه على عينيه وأخذ في البكاء والزيادة فيه حتى يخاف عليه. وقلت لبعض الفضلاء منهم:" هذا الولي لا يموت الا بالبكاء!" لما رأيت منه. وكان من عباد
الله الصالحين وأعرف أهل صنهاجة باقراء التلقين. وله تلامذة في الفقر. كان اذا حدث له البكاء تصيب أهل المجلس خشية عظيمة ودمع عين كل واحد منهم. حضرت معه ذلك غير ما مرة. وبت معه في جمع خاص من الفقراء
والفضلاء على ساحل البحر المحيط، ليلة، وكانت من الليالي الغريبة، لو أخذت في وصف جزئياتها لطال كلام الكتاب لذلك. وكان إذا رآني، وقف وضمني الى صدره ويجيل بيده المباركة على ظهري ويبكي حتى يخاف عليه
ولا يطلقني الا بعد ساعة وتصيبني أنا من مهابته وشدة حاله قشعريرة، ويرى الحاضرون أنه حصل لي حظ عظيم بذلك. وبكى مرة بكاء شديدا لمنشد قال إحفظ خليلك لا نبغي به بدلا لا بارك الله فيمن خان أوغدرا
إن الخيانة لا تخفى وإن كتمت كذلك الحب لا يخفى وإن سترا
وقصد بعد هذا التاريخ زيارة امرأة متعبدة ضريرة. فجلس في فم الغار الذي كانت منقطعة فيه. فسلم عليها ورحبت به. ثم كلمته بكلام شهق منه شهقة واحدة فمات. فقالت المرأة:" أركاز." للرجل الذي يخدمه، وكان
واقفا مع فرسه، فقال لها:" نعم." فقالت له:" ارفع عني صاحبك، فانه مات." فجاء وجذبه وحمله على الفرس وسار به الى منزله وشاع هذا بالمغرب، وتعجب منه كل من سمعه وتشوقت الخواص الى سبب الموت ووقع البحث عن
ذلك فأقرب ما قيل أنها كلمته في أمر نبوي كشف له ببركتها عنه فمات عند معاينته، نفع الله به وبها، وأعاد علينا من بركته
هذه عمدة الطوائف الكائنة بالمغرب الأقصى وثم تلامذة ملحقة وخواص محققة وأفراد من الناس على سنن المتقين ومنهم عباد الله المحققون
QUNFUD. Abû al-cAbbâs Ahmad b. Hasan b.
cAliy b. al-Hatîb Ibn-, ‘Uns al-faqîr waciz al-haqîr, Enquête sur la vie, les maîtres et les
disciples de Sîdî Abû Madyan et voyages à travers le Maroc, éd., par al-FASI Mohamed et FAURE Adolphe, pub., par al-Markaz al-Jâmicî li-l-Baht al-cIlmî, dans la collection Rihlat, Rabat, 1965, pp., 71 - 73.