Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog
Histoire du Maghreb تاريخ المغرب الكبير

السلطان في كتاب عيون الأخبار لعبد الله بن قتيبة الدينوري

                                                                                                                                                                        
للنبي صلى الله عليه وسلم في الإمارة حدّثنا محمد بن خالد بن خداش قال: حدّثنا سلابن قتيبة عن ابن أبي ذئب عن المقبريّ عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: « ستحرصون على الإمارة ثم تكون حسرةً وندامةً يوم القيامة فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة ».
حدّثني محمد بن زياد الزيادي قال:حدّثنا عبد العزيز الدّاروردي قال: حدّثنا شريك عن عطاء بن يسار أن رجلاً قال عند النبي: بئس الشيء الإمارة. فقال النبي: « نعم الشيء الإمارة لمن أخذها بحقّها وحلها « .
حدّثني زيد بن أخزم الطائي قال: حدّثنا ابن قتيبة قال: حدّثنا أبو المنهال عن عبد العزيز ابن أبي بكرة عن أبيه قال: لما مات كسرى قيل ذلك للنبيّ فقال: « من استخلفوا? » فقالوا: ابنته بوران، قال: « لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة ».
لابن عباس رضي اللّه عنهما
حدّثني زيد بن أخزم قال: حدّثنا وهب بن جرير قال: حدّثنا أبي قال: سمعت أيّوب يحدّث عن عكرمة عن ابن عباس أنه قدم المدينة زمن الحرّة فقال: من استعمل القوم? قالوا: على قريش عبد اللّه بن مطيع، وعلى الأنصار عبد اللّه بن حنظلة بن الراهب. فقال: أميران! هلك واللّه القوم.
للحسن عليه السلام
حدّثنا محمد بن عبيد قال: حدّثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن هشام بن حسّان قال: كان الحسن يقول: « أربعة من الإسلام إلى السلطان الحكم والفيء والجمعة والجهاد ».
لكعب الأحبار
وحدّثني محمد قال: حدّثنا أبو سلمة عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة قال: قال كعب: « مثل الإسلام والسلطان والناس مثل الفسطاط والعمود والأطناب والأوتاد، فالفسطاط الإسلام، والعمود السلطان، والأطناب والأوتاد الناس، لا يصلح بعضه إلا ببعض ».
كلمة لأبي حازم في السلطان
حدّثني سهل بن محمد قال: حدّثني الأصمعيّ قال: قال أبو حازم لسليمان بن عبد الملك: « السلطان سوقٌ فما نفق عنده أتي به ».
لابن المقفع
وقرأت في كتاب لابن المقفّع: « الناس على دين السلطان إلا القليل فليكن للبرّ والمروءة عنده نفاقٌ فسيكسد بذلك الفجور والدناءة في آفاق الأرض قرأت فيه أيضاً: « الملك ثلاثة ملك دين وملك حزم وملك هوى، فأما ملك الدين فإنه إذا أقام لأهله دينهم فكان دينهم هو الذي يعطيهم ما لهم ويلحق بهم ما عليهم، أرضاهم ذلك وأنزل الساخط منهم منزلة الراضي في الإقرار والتسليم. وأما ملك الحزم فإنه تقوم به الأمور ولا يسلم من الطعن والتسخّط ولن يضرّه طعن الضعيف مع حزم القوي. وأما ملك الهوى فلعب ساعة ودمار دهر ».
للرسول
حدّثني يزيد بن عمرو عن عصمة بن صقير الباهلي قال: حدّثنا إسحاق بن نجيح عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: قال رسول اللّه: « إن اللّه حرّاساً فحرّاسه في السماء الملائكة وحراسه في الأرض الذين يأخذون الدّيوان ».
حدّثني أحمد بن الخليل قال: حدّثني سعيد بن سلم الباهلي قال: أخبرني شعبة عن شرقيٍّ عن عكرمة في قول الله عز وجل: « له معقباتٌ من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه » قال: »الجلاوزة يحفظون الأمراء ».
« وقال الشاعر:
ألا ليت شعري هل أبيتنّ ليلةً        خليًّا من اسم اللّه والبركات
يعني باسم اللّه، وفيه قول اللّه: « يحفظونه من أمر اللّه » أي بأمر اللّه.
وقرأت في كتاب من كتب الهند: « شرّ المال لا ينفق منه، وشر الأخوان الخاذل، وشر السلطان من خافه البرىء، وشر البلاد ما ليس فيه خصب ولا أمن ».
وقرأت فيه: « خير السلطان من أشبه النّسر حول الجيف لا من أشبه الجيفة حولها النسور ».
وهذا معنى لطيف وأشبه الأشياء به قول بعضهم: « سلطان تخافه الرعية خير للرعية من سلطان يخافها « .
كلمة في عدل الإمام وجوره
حدّثني شيخ لنا عن أبي الأحوص عن ابن عمّ لأبي وائل عن أبي وائل قال: قال عبد اللّه بن مسعود: « إذا كان الإمام عادلاً فله الأجر وعليك الشكر، وإذا كان جائراً فعليه الوزر وعليك الصبر ».
قول عمر بن الخطاب في الفواقر
وأخبرني أيضاً عن أبي قدامة عن عليّ بن زيد قال: قال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: « ثلاثٌ من الفواقر: جار مقامةٍ إن رأى حسنة سترهم وإن رأى سيئة أذاعهم، وامرأة إن دخلت عليهم لسنتك وإن غبت عنها لم تأمنها، وسلطان إن أحسنت لم يحمدك وإن أسأت قتلك ».
من اليتيمة في منافع السلطان ومضارّه
وقرأت في اليتيمة « مثل قليل مضارٌ السلطان في جنب منافعه مثل الغيث الذي هو سقيا اللّه وبركات السماء وحياة الأرض ومن عليها، وقد يتأذى به السّفر ويتداعى له البنيان وتكون فيه الصواعق وتدرّ سيوله فيهلك الناس والدواب وتموج له البحار فتشتدّ البليّة منه على أهله فلا يمنع الناس، إذا نظروا إلى آثار رحمة اللّه في الأرض التي أحيا والنبات الذي أخرج والرزق الذي بسط والرحمة التي نشر، أن يعظموا نعمة ربهم ويشكروها وبلغوا ذكر خواصّ البلايا التي دخلت على خواصّ الخلق. ومثل الرياح التي يرسلهم اللّه نشرا بين يديّ رحمته فيسوق بهم السحاب ويجعلهم لقاحاً للثمرات و أرواحاً للعباد يتنسمون منها ويتقلبون فيهم، وتجري بهم مياههم، وتقد بها نيرانهم وتسير بهم أفلاكهم. وقد تضرّ بكثير من الناس في برّهم وبحرهم ويخلص ذلك إلى أنفسهم وأموالهم فيشكوها منهم الشاكون ويتأذّى بها المتأذّون ولا يزيلها ذلك عن منزلتها التي جعلها اللّه بهم وأمرها الذي سخرها له من قوام عباده وتمام نعمته. ومثل الشتاء والصيف اللذين جعل اللّه حرّهما وبردهما صلاحاً للحرث والنسل ونتاجاً للحب والثمر، يجمعهم البرد بإذن الّله ويحملها ويخرجها الحرّ باذن اللّه وينضجها مع سائر ما يعرف من منافعها، وقد يكون الأذى والضرّ في حرّهما وبردهما وسمائمهما وزمهريرهما وهما مع ذلك لا ينسبان إلا إلى الخير والصلاح. ومن ذلك الليل الذي جعله اللّه سكناً ولباساً وقد يستوحش له أخو القفر، وينازع فيه ذو البليّة والرّيبة وتعدو فيه السّباع وتنساب فيه الهوامّ ويغتنمه أهل الّسرق والسّلّة، ولا يزري صغير ضرره بكثير نفعه، ولا يلحق به ذمّا ولا يضع عن الناس الحقّ في الشكر اللّه على ما منّ به عليهم منه. ومثل النهار الذي جعله اللّه ضياء ونشوراً وقد يكون على الناس أذى الحرّ في قيظهم وتصبّحهم فيه الحروب والغارات ويكون فيه النّصب والشّخوص وكثير مما يشكوه الناس ويستريحون فيه إلى الليل وسكونه. ولو أن الدنيا كان شيءٌ من سرّائهم يعم عامة أهلهم بغير ضرر على بعضهم وكانت نعماؤهم بغير كدر وميسورها من غير معسور كانت الدنيا إذاً هي الجنة التي لا يشوب مسرتها مكروه ولا فرحها ترحٌ والتي ليس فيهم نصب ولا لغوب، فكل جسيم من أمر الدنيا يكون ضرّه خاصةً فهو نعمةٌ عامة، وكل شيء منه يكون نفعه خاصاً فهو بلاءٌ عام ».
وكان يقال: « السلطان والدين أخوان لا يقوم أحدهما إلا بالآخر ».
لبعض الملوك
وقرأت في التاج لبعض الملوك: « هموم الناس صغار وهموم الملوك كبار وألباب الملوك مشغولة بكل شيء يجلّ وألباب السّوق مشغولة بأيسرالشيء، فالجاهل منهم يعذر نفسه بدعة ما هو عليه من الرّسلة ولا يعذر سلطانه مع شدّة ما هو فيه من المؤونة، ومن هناك يعزّر اللّه سلطانه ويرشده وينصره ».
سمع زياد رجلاً يسب الزمان فقال: « لو كان يدري ما الزمان لعاقبته، إنما الزمان هو السلطان كانت الحكماء تقول: « عدل السلطان أنفع للرعية من خصب الزمان »
وروىالهيثم عن ابن عيّاش عن الشّعبي قال: « أقبل معاوية ذات يوم على بني هاشم فقال: يا بني هاشم، ألاتحدّثوني عن ادعائكم الخلافة دون قريش بم تكون لكم أبالرضا بكم أم بالإجتماع عليكم دون القرابة أم بالقرابة دون الجماعة أم بهما جميعاً? فإن كان هذا الأمر بالرضا والجماعة دون القرابة فلا أرى القرابة أثبتت حقاً ولا أسّست ملكاً، وإن كان بالقرابة دون الجماعة والرضا فما منع العباس عمّ النبي ووارثه وساقي الحجيج وضامن الأيتام أن يطلبها وقد ضمن له أبو سفيان بني عبد مناف، وإن كانت الخلافة بالرضا والجماعة والقرابة جميعاً فإن القرابة خصلة من خصال الإمامة لا تكون الإمامة بها وحدها وأنتم تدّعونها بهم وحدها، ولكنا نقول: أحق قريش بهم من بسط الناس أيديهم إليه بالبيعة عليهم ونقلوا أقدامهم إليه الرغبة وطارت إليه أهواؤهم للثقة وقاتل عنها بحقها فأدركها من وجههم. إن أمركم لأمرٌ تضيق به الصدور، إذا سئلتم عمّن اجتمع عليه من غيركم قلتم حقٌّ. فإن كانوا اجتمعوا على حقّ فقد أخرجكم الحقّ من دعواكم. انظروا: فإن كان القوم أخذوا حقكم فاطلبوهم، وإن كانوا أخذوا حقّهم فسّلموا إليهم فإنه لا ينفعكم أن تروا لأنفسكم ما لا يراه الناس لكم. فقال ابن عباس: ندّعي هذا الأمر بحقّ من لولا حقّه لم تقعد مقعدك هذا، ونقول كان ترك الناس أن يرضوا بنا ويجتمعوا عليّنا حقًّا ضيعوه وحظًّا حرموه، وقد اجتمعوا على ذي فضل لم يخطىء الورد والصّدر، ولا ينقص فضل ذي فضلٍ فضل غيره عليه. قال اللّه عز وجل: « ويؤت كلّ ذي فضلٍ فضله »، فأما الذي منعنا من طلب هذا الأمر بعد رسول الله فعهدٌ منه إلينا قبلنا فيه قوله ودنّا بتأويله، ولو أمرنا أن نأخذه على الوجه الذي نهم نا عنه لأخذناه أو أعذرنا فيه، ولا يعاب أحد على ترك حقه إنما المعيب من يطلب ما ليس له، وكل صواب نافع وليس كل خطأ ضارّاً، انتهت القضية إلى داود وسليمان فلم يفهّمهم داود وفهّمهم سليمان ولم يضرّ داود. فأما القرابة فقد نفعت المشرك وهي للمؤمن أنفع، قال رسول اللّه: « أنت عمّي وصنو أبي ومن أبغض العباس فقد أبغضني، وهجرتك آخر الهجرة كما أن نبوّتي آخر النبوّة وقال لأبي طالب عند موته: « يا عم قل لا إله إلا اللّه أشفع لك بهم غداً وليس ذاك لأحد من الناس. قال اللّه تعالى: « وليست التّوبة للّذين يعملون السّيّئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إنّي تبت الآن ولا الّذين يموتون وهم كفّارٌ أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً ».
لكسرى
حدّثنا الرياشيّ عن أحمد بن سلاّم مولى ذفيف عن مولى يزيد بن حاتم عن شيخ له قال: قال كسرى: « لا تنزل ببلد ليس فيه خمسة أشياء: سلطان قاهر، وقاض عادل، وسوق قائمة، وطبيب عالم، ونهرٌ جارٍ ».
وحدّثنا الرياشيّ قال: حدّثنا مسلم ابن ابراهيم قال: حدّثنا القاسم بن الفضل قال: حدّثنا ابن اخت العجاج عن العجاج قال: « قال لي أبو هريرة: ممن أنت? قال: قلت من أهل العراق. قال: يوشك أن يأتيك بقعان الشأم فيأخذوا صدقتك فإذا أتوك فتلقّهم بهم فإذا دخلوهم فكن في أقاصيهم وخلّ عنهم وعنهم. وإيّاك أن تسبّهم فإنك إن سببتهم ذهب أجرك وأخذوا صدقتك وإن صبرت جاءتك في ميزانك يوم القيامة »، وفي رواية أخرى أنه قال: « إذا أتاك المصدّق فقل: خذ الحق ودع الباطل، فإن أبى فلا تمنعه إذا أقبل فلا تلعنه إذا أدبر فتكون عاصياً خفّف عن ظالم ».
وكان يقال: « طاعة السلطان على أربعة أوجه: على الرغبة، والرهبة، والمحبة، والديانة ».
كتاب من أردشير إلى جميع الطوائف من رعيته
وقرأت في بعض كتب العجم كتباً لأردشير بن بابك إلى الرعية، نسخته: « من أردشير الموبذ ذي البهاء ملك الملوك ووارث العظماء، إلى الفقهاء الذين هم حملة الدين، والأساورة الذين هم حفظة البيضة، والكتاب الذين هم زينة المملكة، وذوي الحرث الذين هم عمرة البلاد. السلام عليكم، فإنا بحمد اللّه صالحون وقد وضعنا على رعيتنا بفضل رأفتنا إتاوتها الموظّفة عليهم. ونحن مع ذلك كاتبون إليكم بوصية: لا تستشعروا الحقد فيدهمكم العدوّ، ولا تحتكروا فيشملكم القحط، وتزوّجوا في القرابين فإنه أمسّ للرحم وأثبت للنسب، ولا تعدّوا هذه الدنيا شيئاً فإنها لا تبقى على أحد ولا ترفضوها مع ذلك فإن الآخرة لا تنال إلا بها ».
نصيحة أرسطاطاليس إلى الاسكندر
وقرأت كتاباً من أرسطاطاليس إلى الاسكندر وفيه: « املك الرعية بالإحسان إليها تظفر بالمحبة منها، فإن طلبك ذلك منهم باحسانك هو أدوم بقاءً منه باعتسافك، واعلم أنك إنما تملك الأبدان فتخطّهم إلى القلوب بالمعروف، واعلم أن الرعية إذا قدرت على أن تقول، قدرت على أن تفعل، فاجهد ألا تقول تسلم من أن تفعل ».
كلمة لملك العجم
وقرأت في كتاب الآيين أن بعض ملوك العجم قال في خطبة له: « إني إنما أملك الأجساد لا النيات وأحكم بالعدل لا بالرضا وأفحص عن الاعمال لا عن السرائر ».
ونحوه قول العجم: « أسوس الملوك من قاد أبدان الرعية إلى طاعته بقلوبها ».
وقالوا: «  لا ينبغي للوالي أن يرغب في الكرامة التي ينالهم من العامة كرهاً ولكن في التي يستحقهم بحسن الأثر وصواب الرأي والتدبير ».
حدّثنا الرياشيّ عن أحمد بن سلام عن شيخه له قال: « كان أنوشروان إذا ولّى رجلاً أمر الكاتب أن يدع في العهد موضع أربعة أسطر ليوقّع فيه بخطه فإذا أتي بالعهد وقّع فيه: سس خيار الناس بالمحبة وامزج للعامة الرغبة بالرهبة وسس سفلة الناس بالإخافة ».
قال المدائني: « قدم قادم على معاوية بن أبي سفيان فقال له معاوية: هل من مغرّبة خبر? قال: نعم، نزلت بماء من مياه الأعراب فبينا أنا عليه إذ أورد أعرابي إبله فلما شربت ضرب على جنوبهم وقال عليك زياداً. فقلت له: ما أردت بهذا? قال: هي سدًى، ما قام لي بهم راعٍ مذ ولي زياد. فسرّ ذلك معاوية وكتب به إلى زياد ».
كلمة لعبد الملك بن مروان
قال عبد الملك بن مروان: « أنصفونا يا معشر الرعية، تريدون منا سيرة أبي بكر وعمر! ولا تسيرون فينا ولا في أنفسكم بسيرة رعية أبي بكر وعمر! نسأل اللّه أن يعين كلاً على كل ».
لعمر بن الخطاب ولابن عبد العزيز
قال عمر بن الخطاب: « إن هذا الأمر لا يصلح له إلا اللّين في غير ضعف والقويّ في غير عنف ».
وقال عمر بن عبد العزيز: « إني لأجمع أن أخرج للمسلمين أمراً من العدل فأخاف أن لا تحتمله قلوبهم فأخرج معه طمعاً من طمع الدنيا، فإن فرت القلوب من هذا سكنت إلى هذا ».
لمعاوية في سياسة الرغبة
قال معاوية: « لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرةً ما انقطعت. قيل: وكيف ذاك? قال: كنت إذا مدّوها خلّيتها وإذا خلّوها مددتهم ».
للشعبي وعمر في معاوية
ونحو هذا قول الشّعبي فيه: « كان معاوية كالجمل الطّبّ، إذا سكت عنه تقدّم وإذا ردّ تأخروقول عمر فيه: « احذروا آدم قريش وابن كريمهم ، من لا ينام إلا على الرضا ويضحك في الغضب ويأخذ ما فوقه من تحته ».
وأغلظ له رجل فحلم عنه فقيل له: أتحلم عن هذا? فقال: « إني لا أحول بين الناس وبين ألسنتهم ما لم يحولوا بيننا وبين سلطاننا ».
كان يقال: « لا سلطان إلا برجال ولا رجال إلا بمال ولا مال إلا بعمارة ولا عمارة إلا بعدل وحسن سياسة ».
قال زياد: « أحسنوا إلى المزارعين فإنكم لا تزالون سماناً ما سمنوا ».
كتاب الحجاج إلى الوليد بن عبد الملك يشرح له سيرته
وكتب الوليد إلى الحجاج يأمره أن يكتب إليه بسيرته فكتب إليه: « إني أيقظت رأيي وأنمت هواي، فأدنيت السيد المطاع في قومه، ووليت الحرب الحازم في أمره، وقلّدت الخراج الموفرّ لأمانته، وقسمت لكل خصم من نفسي قسماً يعطيه حظّاً من نظري ولطيف عنايتي، وصرفت السيف إلى النّطف المسيء، والثواب إلى المحسن البريء فخاف المريب صولة العقاب، وتمسك المحسن بحظه من الثواب ».
وكان يقول لأهل الشام: « إنما أنا لكم كالظّليم الرائح عن فرخه: ينفي عنها القذر ويباعد عنها الحجر ويكنّها من المطر ويحميها من الضّباب ويحرسها من الذئاب. يا أهل الشأم أنتم الجنّة والرداء وأنتم العدّة والحذاء ».
رد معاوية على سليم مولى زياد
فخر سليم مولى زياد بزياد عند معاوية فقال معاوية: « اسكت ما أدرك صاحبك شيئاً قطّ بسيفه إلا وقد أدركت أكثر منه بلساني ».
تعريف عبد الملك للسياسة
وقال الوليد لعبد الملك: يا أبت ما السياسة? قال: « هيبة الخاصّة مع صدق مودّتها واقتياد قلوب العامة بالإنصاف لها واحتمال هفوات الصّنائع ».
وفي كتب العجم: « قلوب الرعية خزائن ملوكهم فما أودعتهم من شيء فلتعلم أنه فيها ».
ووصف بعض الملوك سياسته فقال: « لم أهزل في وعد ولا وعيد ولا أمر ولا نهي ولا عاقبت للغضب واستكفيت على الجزاء وأثبت على العناء لا الهوى، وأودعت القول هيبة لم يشبهم مقت وودّا لم تشبه جرأة وعمّمت بالقوت ومنعت الفضول ».
وصية أبرويز لابنه شيرويه
وقرأت في كتاب التاج: قال أبرويز لابنه شيرويه وهو في حبسه: « لا توسعنّ على جندك فيستغنوا عنك ولا تضيقنّ عليهم فيضجّوا منك، أعطهم عطاء قصداً وامنعهم منعاً جميلاً ووسّع عليهم في الرجاء ولا توسّع عليهم في العطاء ».
ونحوه قول المنصور في مجلسه لقوّاده: صدق الأعرابي حيث يقول: أجع كلبك يتبعك. فقام أبو العباس الطّوسي فقال: يا أمير المؤمنين أخشى أن يلوّح له غيرك برغيف فيتبعه ويدعك.
وصية عمر للأشعري
وكتب عمر إلى أبي موسى الأشعريّ: « أما بعد، فإن للناس نفرة عن سلطانهم فأعوذ باللّه أن تدركني وإياك عمياء مجهولة وضغائن محمولة، أقم الحدود ولو ساعة من نهار، وإذا عرض لك أمران: أحدهما اللّه، والآخر للدينا فآثر نصيبك من اللّه فإن الدنيا تنفد والآخرة تبقى، وأخيفوا الفسّاق وأجعلوهم يداً يداً ورجلاً رجلاً، وعد مرضى المسلمين واشهد جنائزهم وافتح لهم بابك وباشر أمورهم بنفسك فإنما أنت رجل منهم غير أن اللّه جعلك أثقلهم حملاً، وقد بلغني أنه قد فشا لك ولأهل بيتك هيئة في لباسك ومطعمك ومركبك ليس للمسلمين مثلهم ، فإياك يا عبد اللّه أن تكون بمنزلة البهيمة مرّت بوادٍ خصيب فلم يكن لهم همٌّ إلا السّمن وإنما حتفهم في السمن، واعلم أن العامل إذا زاغ زاغت رعيّته، وأشقى الناس من شقي الناس به، والسلام ».
لعبد اللّه بن زبير في معاوية
هشام بن عروة قال: « صلى يوماً عبد اللّه بن الزبير فوجم بعد الصلاة ساعة فقال الناس: لقد حدّث نفسه. ثم التفت إلينا فقال: لا يبعدنّ ابن هند! إن كانت فيه لمخارج لا نجدهم في أحد بعده أبدا. واللّه إن كنا لنفرّقه وما الليث الحرب على براثنه بأجرأ منه فيتفارق لنا. وإن كنا لنخدعه وما ابن ليلةٍ من أهل الأرض بأدهى منه فيتخادع لنا، واللّه لوددت أنّا متّعنا به ما دام في هذا حجر - وأشار إلى قبيس - لا يتخوّن له عقل ولا تنتقص له قوّة. قلنا: أوحش واللّه الرجل. قال: وكان يصل بهذا الحديث: وكان واللّه كما كان العذري:
ركوب المنابر وثّابهـم        معنٌّ بخطبته مجهـر
نريع إليه هوادي الكلام        إذا خطل النثر المهمر
حدّثني أبو حاتم قال: حدّثنا الأصمعيّ قال: حدّثنا جد سران، وسران عمّ الأصمعيّ قال: « كلم الناس عبد الرحمن بن عوف أن يكلم عمر بن الخطاب في أن يلين لهم فإنه قد أخافهم حتى إنه قد أخاف الأبكار في خدورهنّ. فقال عمر: إني لا أجد لهم إلا ذلك، إنهم لو يعلمون ما لهم عندي لأخذوا ثوبي من عاتقي ».
قال: وتقدمت إليه امرأة فقالت: « يا أبا عقر حفص، اللّه لك. فقال: ما لك أعقرت? أي دهشت، فقالت: صلعت فرقتك.
قال أشجع السلميّ في إبراهيم بن عثمان:
لا يصلح السـلـطـان إلا شـدّةٌ        تغشى البريء بفضل ذنب المجرم
ومن الولاة مـقـحّـمٌ لا يتّـقـى        والسيف تقطر شفرتاه من الـدم
منعت مهم بتكن النفوس حديثهـم        بالأمر تكرهه وإن لـم تـعـلـم
كان يقال: « شر الأمراء أبعدهم من القرّاء، وشر القرّاء أقربهم من الأمراء ».
كتب عامل لعمر بن عبد العزيز على حمص إلى عمر: « إن مدينة حمص قد تهدّم حصنهم ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في إصلاحهفكتب إليه عمر: « أمّا بعد، فحصّنهم بالعدل، والسلام ».
لأعرابي في أميرٍ عادل
ذكر أعرابي أميراً فقال: « كان إذا ولي لم يطابق بين جفونه وأرسل العيون على عيونه، فهو غائب عنهم شاهد معهم، فالمحسن راج والمسيء خائف ».
كلمة لجعفر بن يحيى
كان جعفر بن يحيى يقول: « الخراج عمود الملك وما استغزر بمثل العدل ولا استنزر بمثل الظلم ».
وصية أردشير لابنه
وفي كتاب من كتب العجم أن أردشير قال لابنه: « يا بني، إن الملك والدين أخوان لا غنى بأحدهما عن الآخر، فالدين أسٌّ والملك حارس، وما لم يكن له أسّ فمهدوم وما لم يكن له حارس فضائع. يا بني، اجعل حديثك مع أهل المراتب وعطيتك لأهل الجهاد وبشرك لأهل الدين وسرّك لمن عناه ما عناك من أرباب العقول ».
وكان يقال: « مهما كان في الملك فلا ينبغي أن تكون فيه خصال خمس: لا ينبغي أن يكون كذاباً فإنه إذا كان كذاباً فوعد خيراً لم يرج أو أوعد بشرٍّ لم يخف، ولا ينبغي أن يكون بخيلاً فإنه إن كان بخيلاً لم يناصحه أحد ولا تصلح الولاية إلا بالمناصحة، ولا ينبغي أن يكون حديداً فإنه إذا كان حديداً مع القدرة هلكت الرعية، ولا ينبغي أن يكون حسوداً فإنه إذا كان حسوداً لم يشرّف أحداً ولا يصلح الناس إلا على أشرافهم، ولا ينبغي أن يكون جباناً فإنه إذا كان جباناً ضاعت ثغوره واجترأ عليه عدوه ».
كلمة معاوية لابنة عثمان
وقدم معاوية المدينة فدخل دار عثمان فقالت عائشة بنت عثمان: واأبتاه، وبكت. فقال معاوية: « يا ابنة أخي إنّ الناس أعطونا طاعة وأعطيناهم أماناً، وأظهرنا لهم حلماً تحته غضب وأظهروا لنا طاعة تحتهم حقد ومع كل إنسان سيفه وهو يرى مكان أنصاره، فإن نكثنا بهم نكثوا بنا ولا ندري أعليّنا تكون أم لنا،ولأن تكوني بنت عمّ أمير المؤمنين خيرٌ من أن تكوني آمرأة من عرض المسلمين
من عبد اللّه بن عباس إلى الحسن بن عليّ
كتب عبد اللّه بن عباس إلى الحسن بن عليّ: » إنّ المسلمين ولّوك أمرهم بعد عليّ فشمّر للحرب وجاهد عدوك ودار أصحابك وآشتر من الظّنين دينه بما لا يثلم دينك، وولّ أهل البيوتات والشرف تستصلح بهم عشائرهم حتى تكون الجماعة، فإن بعض ما يكره الناس، ما لم يتعدّ الحق وكانت عواقبه تؤدي إلى ظهور العدل وعز الدين، خيرٌ من كثير مما يحبون إذا كانت عواقبه تدعو إلى ظهور الجور ووهن الدين ».
حدّثني محمد بن عبيد عن معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عن الأعمش عن إبراهيم قال: »كان عمر إذا قدم عليه الوفد سألهم عن حالهم وأسعارهم وعمن يعرف من أهل البلاد وعن أميرهم هل يدخل عليه الضعيف? وهل يعود المريض? فإن قالوا نعم، حمد اللّه تعالى، وإن قالوا لا، كتب إليه أقبل ».
اختيار العمال
وصية أبو بكر الصديق عند وفاته
روي أن بكر الصديق رضي اللّه عنه لمّا حضرته الوفاة كتب عهداً فيه: « بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا ما عهد أبو بكر خليفة رسول الّله عند آخر عهده بالدنيا وأوّل عهده بالآخرة، في الحال التي يؤمن فيهم الكافر ويتّقي فيهم الفاجر: إني استعملت عمر بن الخطاب فإن برّ وعدل فذلك علمي به، وإن جار وبدّل فلا علم لي بالغيب، والخير أردت، ولكل امرىء ما اكتسب « وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ».
من وصايا أبرويز إلى ابنه شيرويه
وفي التاج أن أبرويز كتب إلى ابنه شيرويه من الحبس: « ليكن من تختاره لولايتك آمرأ كان في ضعة فرفعته، أوذا شرف وجدته مهتضماً فأصطنعته، ولاتجعله آمرأ أصبته بعقوبة فآتّضع عنهم ولا أطاعك بعد ما اذللته ولا أحداً ممن يقع في خلدك أن إزالة سلطانك أحبّ له من ثبوته،وإياك أن تستعمله ضرعاً غمراً كثر إعجابه بنفسه وقلت تجاربه في غيره، ولا كبيراً مدبراً قد أخذ الدهر من عقله كما اخذت السنّ من جسمه
شعر للقيط
وقال لقيط في هذا المعنى:
فقّـلـدوا أمـركـم الـلّـه درّكـم        رحب الذراع بامر الحرب مضطلعاً
لا مترفا إن رخاء العيش سـاعـده        ولا إذا عضّ مكروهٌ به خـشـعـا
ما زال يحلب درّالدهـر أشـطـره        يكون متّبعـاً يومـاً ومـتّـبـعـا
حتى آستمرّت على شزرٍ مريريتـه        مستحكم السنّ لا فخماً ولا ضرعـاً
من الأمثال في الرجل المجرّب
و يقال في مثل: « رأي الشيخ خير من مشهد الغلام ومن أمثال العرب أيضاًفي المجرّب: « العوان لا تعلّم الخمرة
لبعض الخلفاء في الربيع بن زياد
قال بعض الخلفاء: دلوني على رجل أستعمله على أمر قد أهمّني. قالوا: كيف تريده? قال: « إذا كان في القوم وليس أميرهم كان كأنه أميرهم وإذا كان أميرهم كان كأنه رجل منهم قالوا: لا نعلمه إلا الربيع بن زياد الحارثي. قال: صدقتكم، هو لها. عبد الرحمن بن عبيد التميمي صاحب شرطة الحجاج
و روى الهيثم عن مجالد عن الشّعبي قال: قال الحجاج: دلوني على رجل للشّرط. فقيل: أيّ الرجال تريد? فقال: « أريده دائم العبوس طويل الجلوس سمين الأمانة أعجف الخيانة لا يخفق في الحق على جرّةٍ يهون عليه سبال الإشراف في الشفاعة فقيل له: عليك بعبد الرحمن بن عبيد التميمي. فأرسل إليه يستعمله، فقال له: لست أقبلهم إلا أن تكنفيني عيالك وولدك وحاشيتك. قال: يا غلام، ناد في الناس: من طلب إليه منهم حاجة فقد برئت منه الذمة. قال الشعبي: فواللّه ما رأيت صاحب شرطة قطّ مثله، كان لا يحبس إلا في دين، وكان إذا أتي برجل قد نقب على قوم وضع منقبته في بطنه حتى تخرج من ظهره، وإذا أتي بنبّاش حفر له قبراً فدفنه فيه، وإذا أتي برجل قاتل بحديدة اوشهر سلاحاً قطع يده، وإذا اتي برجل قدأحرق على قوم منزلهم أحرقه، وإذا أتي برجل يشكّ فيه وقد قيل إنه لص ولم يكن منه شيء ضربه ثلاثمائة سوط. قال: فكان ربما أقام أربعين ليلة لا يؤتى بأحد فضم إليه الحجاج شرطة البصرة مع شرطة الكوفة.
نصيحة أبرويز إلى ابنه شيرويه
وقرأت في كتاب أبرويز إلى ابنه شيرويه: « انتخب لخراجك أحد ثلاثة: إما رجلاً يظهر زهداً في المال ويدّعي ورعاً في الدين فإنّ من كان كذلك عدل على الضعيف وأنصف من الشريف ووفّر الخراج وأجتهد في العمارة، فإن هو لم يرع ولم يعفّ إبقاء على دينه ونظراً لأمانته كان حريّاً أن يخون قليلاً ويوفّر كثيراً آستسراراً بالرياء واكتتاماً بالخيانة، فإن ظهرت على ذلك منه عاقبته على ماخان ولم تحمده على ما وفّر، وإن هو جلّح في الخيانة وبارز بالرياء نكّلت به في العذاب واستنظفت ماله مع الحبس. أو رجلاً عالماً بالخراج غنياً في المال مأموناً في العقل فيدعوه علمه بالخراج إلى الاقتصاد في الحلب والعمارة للأرضين والرفق بالرعية، ويدعوه غناه إلى العفة ويدعوه عقله إلى الرغبة فيما ينفعه والرهبة مما يضره. أو رجلاً عالماً بالخراج مأموناً بالأمانة مقتراً من المال فتوسّع عليه في الرزق فيغتنم لحاجته الرزق ويستكنثر لفاقته اليسير، ويزجي بعلمه الخراج، ويعفّ بأمانته عن الخيانة ».
عمر بن عبد العزيز وأهل العذر
استشار عمر بن عبد العزيز في قوم يستعملهم، فقال له بعض أصحابه: عليك بأهل العذر. قال: ومن هم? قال: الذين إن عدلوا فهو ما رجوت منهم، وإن قصّروا قال الناس: قد اجتهد عمر.
حديث عدي بن ارطأة مع إياس بن معاوية
فيمن يصلح للولاية من القراء
قال عدي بت أرطاة لإياس بن معاوية: دلّني على قوم من القراء أولّهم. فقال له: القرّاء ضربان: فضرب يعملون للآخرة ولا يعملون لك، وضرب يعملون للدّنيا فما ظنّك بهم إذا أنت ولّيتهم فمكّنتهم منهم ? قال: فما أصنع? قال: عليك بأهل البيوتات الذين يستحيون لأحسابهم فولّهم.
بين الرشيد ورجل أراد توليته القضاء
أحضر الرشيد رجلاً ليولّيه القضاء فقال له: إني لا أحسن القضاء ولا أنا فقيه.قال الرشيد: فيك ثلاث خلال: لك شرف والشرف يمنع صاحبه من الدناءة. ولك حلم يمنعك من العجلة، ومن لم يعجل قلّ خطؤه. وأنت رجل تشاور في أمرك ومن شاور كثر صوابه، وأما الفقه فسينضم إليك من تتفقّه به. فولي ماوجدوا فيه مطعناً.
حديث عمر بن هبيرة مع إياس بن معاوية
حين أراد ابن هبيرة توليته
حدّثني سهل بن محمد قال:حدّثنا الأصمعيّ قال: حدّثني صالح بن رستم أبو عامر الخزّار قال: قال لي إياس بن معاوية المزنيّ: أرسل إليّ عمر بن هبيرة فأتيته فساكتني فسكتّ، فلما أطلت قال: إيهٍ. قلت: سل عما بدا لك. قال: أتقرأ القرآن? قلت نعم. قال: هل تفرض الفرائض? قلت نعم. قال:فهل تعرف من أيام العرب شيئاً? قلت نعم. قال: فهل تعرف من أيام العجم شيئاً? قلت: أنا بهم أعلم. قال: إني أريد أن أستعين بك. قلت: إن فيّ ثلاثاً لا أصلح معهن للعمل. قال: ماهن? قلت: أنا دميم كما ترى، وأنا حديد، وأنا عيٌّ. قال: أما الدمامة فإني لا اريد أن أحاسن بك الناس، وأمّا العيّ فإني أراك تعبر عن نفسك، وأمّا سوء الخلق فيقوّمك السوط. قم، قد وليتك. قال: فولاني وأعطاني ألفي درهم فهما أول مال تموّلته.
من كتاب للهند في السلطان الحازم
قرأت في كتاب للهند: « السلطان الحازم ربما أحب الرجل فأقصاه وآطّرحه مخافة ضره، فعل الذي تلسع الحية إصبعه فيقطعهم لئلا ينتشر سمّها في جسده، وربما أبغض الرجل فأكره نفسه على توليته وتقريبه لغناء يجده عنده كنكاره المرء على الدواء البشع لنفعه ».
كلمة للمأمون في مدح الرجال
حدّثني المعلّى بن أيوب قال: سمعت المأمون يقول: « من مدح لنا رجلاً فقد تضمّن عيبه ».
باب صحبة السلطان وآدابهم وتغير السلطان وتلوّنه
وصية العباس لابنه عبد اللّه
حدّثني محمد بن عبيد قال: حدّثنا أبو أسامة عن مجالد الشّعبي عن عبد اللّه بن عباس قال: قال لي أبي: « يا بنيّ إني أرى أمير المؤمنين يستخليك ويستشيرك ويقدّمك على الأكابر من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وإني أوصيك بخلال أربع: لا تفشينّ له سرّاً، ولا يجرّبنّ عليك كذباً، ولا تغتابن عنده أحداً، ولا تطو عنه نصيحةقال الشّعبي: قلت لابن عباس: كل واحد خير من الف. إي واللّه ومن عشرة آلاف.
كان يقال: « إذا جعلك السلطان أخا فاجعله أبا، وإن زادك فزده ».
نصيحة زياد لابنه
قال زياد لابنه: « إذا دخلت على أمير المؤمنين فادع له ثم اصفح صفحاً جميلاً، ولا يرينّ منك تهلكاً عليه ولا انقباضاً عنه ».
كلمة لمسلم بن عمرو في خدمة السلطان
قال مسلم بن عمرو: « ينبغي لمن خدم السلطان ألا يغترّ بهم إذا رضوا عنه ولا يتغير لهم إذا سخطوا عليه ولا يستثقل ما حمّلوه ولا يلحف في مسالتّهم ».
من كتاب للهند في صحبة السلطان ولزوم بابه
وقرأت في كتاب للهند: « صحبة السلطان على ما فيهم من العز والثروة عظيمة الخطار، وإنما تشبّه بالجبل الوعر فيه الثمار الطيبة والسباع العادية، فالارتقاء إليه شديد والمقام فيه أشدّ، وليس يتكافأ خير السلطان وشره لأنّ خير السلطان لا يعدو مزيد الحال، وشر السلطان قد يزيل الحال ويتلف النفوس التي لها طلب المزيد، ولا خير في الشيء الذي سلامته مال وجاه وفي نكبته الجائحة والتلف ».
وقرأت فيه: « من لزم باب السلطان بصبر جميل وكظم للغيظ واطّرح للأنفة، وصل إلى حاجته ».
وقرأت فيه: « السلطان لا يتوخى بكرامته الأفضل فالأفضل ولكن الأدنى فالأدنى كالكرم لا يتعلق بأكرم الشجر ولكن بأدناهم منه ».
كلام العرب
وكانت العرب تقول: « إذا لم تكن من قربان الأمير فكن من بعدانه ».
لابن المقفع في صحبة السلطان
وقرأت في آداب ابن المقفع: « لا تكوننّ صحبتك للسلطان إلا بعد رياضة منك لنفسك عن طاعتهم في المكروه عندك وموافقتهم فيما خالفك وتقدير الأمور على أهوائهم دون هواك، فإن كنت حافظاً إذا ولّوك، حذراً إذا قرّبوك، أميناً إذا ائتمنوك، تعلمهم وكأنك تتعلم منهم، وتؤدبهم وكأنك تتأدب بهم، وتشكر لهم ولا تكلفهم الشكر، ذليلاً إن صرموك، راضياً إن أسخطوك، وإلا فالبعد منهم كلّ البعد والحذر منهم كلّ الحذر. وإن وجدت عن السلطان وصحبته غنًى فاستغن به فإنه من يخدم السلطان بحقّه يحل بينه وبين لذة الدنيا وعمل الآخرة، ومن يخدمه بغير حقه يحتمل الفضيحة في الدنيا والوزر في الآخرة ».
وقال: « إذا صبحت السلطان فعليك بطول الملازمة في غير طول المعاتبة، وإذا نزلت منه منزلة الثقة فاعزل عنه كلام الملق ولا تكنثرن له في الدعاء إلا أن تكنلمه على رؤوس الناس ولا يكوننّ طلبك ما عنده بالمسألة ولا تستبطئنّه إن أبطأ. اطلبه بالاستحقاق ولا تخبرنه أن لك عليه حقاً وأنك تعتدّ عليه ببلاء. وإن استطعت ألا ينسى حقّك وبلاءك بتجديد النصح والاجتهم فافعل. ولا تعطينه المجهود كله في أوّل صحبتك له فلا تجد موضعاً للمزيد ولكن دع للمزيد موضعاً. وإذا سأل غيرك فلا تكن المجيب. واعلم أن استلابك للكلام خفةٌ بك واستخفاف منك بالسائل والمسؤول، فما أنت قائل إن قال لك السائل: ما إياك سألت، وقال لك المسؤول: اجب أيهم المعجب بنفسه المستخفّ بسلطانه? وقال: « مثل صاحب السلطان مثل راكب الأسد يهم به الناس وهو لمركبه أهيب ».
نصيحة عبد الملك بن صالح المؤدب ولده
وقال عبد الملك بن صالح لمؤدّب ولده بعد أن اختصه لمجالسته وحادثته: « كن على التماس الحظ بالسكوت أحرص منك على التماسه بالكلام فإنهم قالوا: إذا أعجبك الكلام فاصمت وإذا اعجبك الصمت فتكنلم. يا عبد الرحمن لا تساعدني على ما يقبح بي ولا تردّنّ عليّ الخطأ في مجلسي، ولا تكلّفني جواب التشميت والتّهنئة ولا جواب السؤال والتعزية، ودع عنك كيف أصبح الأمير وأمسى. وكلّمني بقدر ما استنطقتك واجعل بدل التقريظ لي حسن الاستماع مني، واعلم أن صواب الاستماع أقل من صواب القول، وإذا سمعتني أتحدّث فأرني فهمك في طرفك وتوقّفك ولا تجهد نفسك في تطرية صوابي، ولا تستدع الزيادة من كلامي بما تظهر من استحسان ما يكون مني، فمن أسوأ حالاً ممن يستكدّ الملوك بالباطل فيدلّ على تهاونه، وما ظنك بالملك وقد أحلّك محلّ المعجب بما تسمع منه وقد أحللته محل من لا يسمع منه? وأقل من هذا يحبط إحسانك ويسقط حقّ حرمةٍ إن كانت لك. إني جعلتك مؤدّباً بعد أن كنت معلّماً وجعلتك جليساً مقرّباً بعد أن كنت مع الصبيان مباعداً ومتى لم تعرف نقصان ما خرجت منه لم تعرف رجحان ما دخلت فيه، ومن لم يعرف سوء ما يولّى لم يعرف حسن ما يبلى ».
بين أبي مسلم الخراساني والسفاح
دخل أبو مسلم على أبي العباس وعنده أبو جعفر فسلّم على أبي العباس فقال له: يا أبا مسلم، هذا أبو جعفر! فقال: يا أمير المؤمنين، هذا موضع لا يقضى فيه إلا حقك.
للفضل بن الربيع في مسألة الملوك
قال الفضل بن الربيع: « مسألة الملوك عن أحوالهم من تحيات النّوكى، فإذا أردت أن تقول: كيف أصبح الأمير، فقل: صبّح اللّه الأمير بالكرامة. وإذا أردت أن تقول: كيف يجد الأمير نفسه، فقل: أنزل اللّه على الأمير الشفاء والرحمة، فإن المسألة توجب الجواب، فإن لم يجبك اشتدّ عليك وإن اجابك اشتدّ عليه ».
لابن المقفع في ما يجب سلوكه مع السلطان
وقرأت في آداب ابن المقفع: « جانب المسخوط عليه والظّنين عند السلطان ولا يجمعنك وإياه مجلس ولا منزل ولا تظهران له عذراً ولا تثن عليه عند أحد، فإذا رأيته قد بلغ في الانتقام ما ترجو أن يلين بعده فاعمل في رضاه عنك برفق وتلطّف، ولا تسارّ في مجلس السلطان أحداً، ولا تومىء إليه بجفنك وعينك فإن السّرار يخيّل إلى كل من رآه من ذي سلطان وغيره أنه المراد به، وإذا كلّمك فاصغ إلى كلامه ولا تشغل طرفك عنه بنظر ولا قلبك بحديث نفس ».
من كتاب الهند في آداب الوزير مع السلطان
وقرأت في كتاب للهند أنه أهدي لملك الهند ثياب وحلي، فدعا بامرأتين له وخيّر أحظاهما عنده بين اللباس والحلية، وكان وزيره حاضراً، فنظرت المرأة إليه كالمستشيرة له فغمزها باللباس تغضيناً بعينه، ولحظه الملك، فاختارت الحلية لئلا يفطن للغمزة، ومكث الوزير أربعين سنة كاسراً عينه لئلا تقرّ تلك في نفس الملك وليظنّ أنه عادة أو خلقة، وصار اللباس للأخرى فلما حضرت الملك الوفاة قال لولده: توصّ بالوزير خيراً فإنه اعتذر من شيء يسير أربعين سنة.
لشبيب بن شيبة فيمن يخدم السلطان
قال شبيب بن شيبة: « ينبغي لمن ساير خليفة أن يكون بالموضع الذي إذا أراد الخليفة أن يسأله عن شيء لم يحتج إلى أن يلتفت، ويكون من ناحية إن التفت لم تستقبله الشمس. وإن سار بين يديه أن يحيد عن سنن الريح التي تؤدّي الغبار إلى وجهه ».
نصيحة ناسك لآخر
قال رجل من النساك لآخر: « إن ابتليت بأن تدخل إلى السلطان مع الناس فأخذوا في الثناء فعليك بالدعاء ».
بين المأمون ويحيى بن أكثم
قال ثمامة: كان يحيى بن أكثم يماشي المأمون يوماً في بستان موسى والشمس عن يسار يحيى والمأمون في الظل وقد وضع يده على عاتق يحيى وهما يتحادثان حتى بلغ حيث أراد ثم كرّ راجعاً في الطريق التي بدأ فيهم فقال ليحيى: كانت الشمس عليك لأنك كنت على يساري وقد نالت منك فكن الآن حيث كنت وأتحوّل أنا حيث كنت. فقال يحيى: واللّه يا أمير المؤمنين لو أمكنني أن أقيك هول المطلع بنفسي لفعلت. فقال المأمون: لا واللّه لابدٌّ من أن تأخذ الشمس مني مثل ما أخذت منك. فتحوّل يحيى وأخذ من الظل مثل الذي أخذ منه المأمون.
وقال المأمون: « أوّل العدل أن يعدل الرجل على بطانته ثم على الذين يلونهم حتى يبلغ العدل الطبقة السفلى ».للأحنف في الانقباض على السلطان
المدئني قال: قال الأحنف: « لا تنقبضوا عن السلطان ولا تهالكوا عليه فإنه من أشرف للسلطان أذراه، ومن تضرّع له أحظاه ».
لحذيفة بن اليمان في التعرض لسلطان اللّه في الأرض
حدّثني يزيد بن عمرو وقال: حدّثني محمد بن عمرو الرومي قال: حدّثنا زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع، قال: قال حذيفة بن اليمان: « ما مشى قوم قطّ إلى سلطان اللّه في الأرض ليذلّوه إلا أذلّهم اللّه قبل أن يموتوا ».
لهشام بن عبد الملك في صحبة السلطان
???وفي أخبار خالد بن صفوان أنه قال: دخلت على هشام بن عبد الملك فاستدناني حتى كنت أقرب الناس منه فتنفّس ثم قال: يا خالد، لربّ خالدٍ قعد مقعدك هذا أشهى إليّ حديثاً منك. فعلمت أنه يعني خالد بن عبد اللّه. فقلت: يا أمير المؤمنين، أفلا تعيده? فقال: إن خالداً أدلّ فأملّ وأوجف فأعجف ولم يدع لراجع مرجعاً، على أنه ما سألني حاجة. فقلت: يا أمير المؤمنين، ذاك أحرى. فقال: هيهات.
إذا لنصرفت نفسي عن الشيء لم تكن        إليه بوجهٍ آخر الـدهـر تـقـبـل
بين منكة الهندي ويحيى بن خالد البرمكي
حدّثنا الفضل بن محمد بن منصور بمعنى هذا الحديث، وببعضه نهيك: اعتل يحيى بن خالد فبعث إلى منكة الهندي فقال له: ما ترى في هذه العلة? فقال منكة: داؤك كبير ودواؤه يسير وأيسر منه الشكر. وكان متفنناً. فقال له يحيى: ربما ثقل على السمع خطرة الحقّ به، فإذا كان ذلك كانت الهجرة له ألزم من المفاوضة فيه. قال منكة: صدقت ولكني أرى في الطوالع أثراً والأمد فيه قريب وأنت قسيم في المعرفة وقد نبهت، وربما تكون صورة الحركة للكوكب عقيمة ليست بذات نتاج ولكن الأخذ بالحزم أوفر حظ الطالبين. قال يحيى: للأمور منصرف إلى العواقب وما حتم لا بد من أن يقع، والمنعة بمسالمة الأيام نهزة فاقصد لما دعوتك له من هذا الأثر الموجود بالمزاج. قال منكة: هي الصفراء مازجتهم مائيةٌ من البلغم فحدّث لهم بذلك ما يحدّث اللّهب عند مماسّته رطوبة المادة من الاشتعال فخذ ماء رمّانتين فدقّهما بإهليلجة سوداء تنهضك مجلساً أو مجلسين وتسكّن ذلك التوقد الذي تجد إن شاء اللّه.
فلما كان من حديثهم الذي كان، تلّطف منكة حتى دخل على يحيى في الحبس فوجده جالساً على لبد ووجد الفضل بين يديه يمهن أي يخدم، فاستعبر منكة وقال: قد كنت ناديت لو أعرت الإجابة. قال له يحيى: أتراك علمت من ذلك شيئاً جهلته? كلا ولكنه كان الرجاء للسلامة بالبراءة من الذنب أغلب من الشّفق وكان مزايلة القدر الخطير عبئاً قلّما تنهض به الهمة. وبعد فقد كانت نعمٌ أرجو أن يكون أوّلهم شكراً وآخرهم أجراً. فما تقول في هذا الداء? قال له منكة: ما أرى له دواء أنجع من الصبر، ولو كان يفدي بمال أو مفارقة عضو كان ذلك مما يجب لك. قال يحيى: قد شكرت لك ما ذكرت فإن أمكنك تعهدنا فافعل. قال منكة: لو أمكنني تخليف الروح عندك ما بخلت بذلك، فإنما كانت الأيام تحسن لي بسلامتك. قال الفضل كان يحيى يقول: دخلنا في الدنيا دخولاً أخرجنا منهم .
من كتاب الهند في قلة وفاء السلطان لأصحابه
وقرأت في كتاب للهند: « إنما مثل السلطان في قلة وفائه للأصحاب وسخاء نفسه عمن فقد منهم مثل البغيّ والمكتّب، كلما ذهب واحد جاء بآخر ».
للعرب في وصف السلطان
والعرب تقول: « السلطان ذو عدوانٍ وذو بدوانٍ وذو تدرٍأ »، يريدون أنه سريع الإنصراف كثير البدوات هجومٌ على الأمور ».
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :